القانون أشار إلى أن الرخصة تمنح للمطبوعات الدورية بقرار من المجلس وذلك وفق إجراءات منها أن "يبت المجلس بطلب الترخيص المقدم إليه خلال مدة لا تتجاوز ثلاثين يوماً من تاريخ تقديمه" ويلزم القانون المجلس بأن يكون قراره مسبباً في حال رفض الترخيص، كما منح طالب الترخيص الحق بتقديم طلب جديد إلى المجلس في حالة رفض الترخيص ثم أحق له اللجوء إلى محكمة القضاء الإداري في حال رفض طلبه بالترخيص للمرة الثانية، غير أن القانون اشترط أن لا يصبح الترخيص ساري المفعول إلا بعد تصديقه من مجلس الوزراء.
الإعلاميون تفاوتت آراؤهم بعد صدور القانون تماماً كما كانت أثناء إعداده، فيرى الإعلامي علي حسون مدير تحرير صحيفة بلدنا أن المأمول من القانون كان أكثر مما خرج به عموماً، فمنع حبس الصحفي وحق الحصول على المعلومة نقط إيجابية، غير أن حسون يتساءل: كيف سيتم التعامل معها وهل ستتعامل الجهات المعنية بتقديم المعلومات للصحفي بروح القانون، وهل ستغير عقليتها القديمة؟ ويضيف حسون "أعتقد أن ما يشكل خيبة أمل حقيقية هو تتبيع الإعلام بشكل أو بآخر للسلطة التنفيذية وربما بشكل جديد سواء كانت التبعية لوزارة الإعلام بالشكل القديم أو لمجلس الوزارء بالشكل الجديد، فسابقاً كانت الحكومة هي من يوافق على ترخيص الصحف والمطبوعات، واليوم أعطي الدور للمجلس الأعلى للإعلام شكلياً فهو يعطي الترخيص ولكن التصديق على الترخيص بقي بيد الحكومة وهي بذلك صاحبة القرار الأخير بذلك".
هذين الجانبن كانا الأكثر تعليقاً من قبل الإعلاميين، فالقانون خرج بعبارات أخلاقية وبنود متطورة نسبياً إلا أنه كان مخيباً للآمال من وجهة نظر مازن درويش مدير المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، والذي أكد أن إحداث مجلس أعلى للإعلام هو جزء من مطالب الإعلاميين إلا أن جعل هذا المجلس مرتبط وخاضع للسلطة التنفيذية هو أمر يفرغ هذا الإنجاز من مضمونه وفقاً لدرويش الذي يتابع قائلاً "كان من المنتظر أن يكون المجلس مستقلاً ويضمن تحرير الإعلام، غير أن القانون جعل تسمية رئيس وأعضاء المجلس حق مطلق لرئيس لجمهورية، وهو رأس السلطة التنفيذية، وتم تتبيع المجلس وربطه مع مجلس الوزراء، وبذلك فإن هذا القانون جعل من المجلس حالة شكلية ليس أكثر".
ووقف درويش عند عملية منح التراخيص الذي رأى أنه كان واحدة من آليات السيطره على الإعلام خلال الفترة الماضية، والقانون الجديد وإن كان قد ظهر بشكل مختلف إلا أنه يحمل نفس العقلية عبر الالتفاف ، حيث تم إضافة بند يقول بأن الترخيص لا يصبح ساري المفعول إلا بعد تصديق من مجلس الوزراء، وهكذا عدنا إلى نفس الحالة السابقة خاصة أنه لم يحدد مهلة زمنية تلزم مجلس الوزراء للتصديق على الرخصة.
ويتابع درويش انتقاده قائلاً "بقيت محظورات النشر كما هي، ورغم تأكيد الحق بنشر المعلومة إلا أن مصطلحات الحظر كانت واسعة جداً وعمومية و"مطاطة" ولا تنطوي على أي ضوابط.
أما الإعلامي عبد الفتاح العوض فقد أكد على أن هذا القانون يمثل نقلة في الحياة الإعلامية السورية وهو أحد الأسس التي يمكن أن يبنى عليها بيئة إعلامية جديدة في سورية.
ويتحدث العوض عن ميزات القانون الي يحتوي على عدة نقاط إيجابية كسهولة ترخيص المطبوعات والوسائل الإعلامية الأخرى، وهذا يعني أن يكون هناك منافسة لتقديم الأفضل مما ينعكس إيجابا على السوق الإعلامية في سورية بحسب العوض.
فالقانون أكد على حرية الإعلامي وعدم الكشف عن مصادر معلوماته إلا أمام القضاء وفي جلسة سرية وفقاً للعوض، وينص القانون على معاملة الإعلامي كموظف عام إذا ما تعرض للاعتداء ويضاف إلى ذلك عدم وجود رقابة مسبقة على الإعلام كم يترك الحكم في العلاقة بين الإعلام والجهات الأخرى للقانون والقانون فقط، وتكوين مجلس وطني للإعلام عمل متقدم في عملية التطوير الإعلامي، ولا يتضمن القانون عقوبات السجن للصحفي.
أما بالنسبة للغرامات الكبيرة التي حددها القانون في حال وقوع بعض المخالفات فيرى العوض أن القانون لايجب أن يكون لصالح الإعلاميين فقط بل يجب أن يصب في مصلحة المجتمع ككل، فللصحفي حقوق وواجبات أيضاً، والقضاء هو الذي يحكم استنادا للقانون أما ربط المجلس بمجلس الوزراء فهو مسألة تنظيمية والعبرة في التنفيذ، فقرارت المجلس الوطني للإعلام يفترض أن يصدق عليه مجلس الوزراء دون تعطيل والواقع هو الذي يمتحن ذلك. وبالنسبة لطلب الترخيص فقد نص القانون على ضرورة تعليل المجلس لسبب رفض طلب الترخيص في حال تم رفضه وفاً للعوض، ومن حق طالب الترخيص أن يتقدم إلى المجلس مرة أخرى بطلبه، وأن يلجأ إلى القضاء إذا ما رفض ذلك الطلب مرة أخرى.
ويرى العوض أن الصيغة التي خرج بها القانون في موضوع الترخيص يأتي ضمن سياق الفكرة التي أعدتها اللجنة، وإن لم تكن مثلها تماماً، ويتابع: "ما كنا نتخوف منه هي المدة التي يستغرقها البت بشأن شكوى عدم منح الترخيص في
حال وصولها للقضاء".
وإن كان إنجاز القانون غير كامل فإن النواقص ستظهر أثناء التنفيذ وفقاً للعوض، ولا مانع من تعديل القانون عند ظهور هذه النواقص، خاصة أن من وظائف المجلس إبداء الرأي في القوانين المتعلق بالإعلام، ويمكن بالتالي تعديل القانون.
ومن جانبه اعتبر وزير الإعلام أن قانون الإعلام الجديد "نموذجي وغير مسبوق" على مستوى المنطقة من حيث تكامله وشموله لجميع وسائل الإعلام، وحماية حقوق الإعلاميين بالتوازي مع واجباتهم تجاه الدولة والمجتمع، ورأى أن المجلس الوطني للإعلام يتمتع بصلاحيات واسعة واستقلالية كبيرة تتجاوز الأطر الاستشارية المعتمدة في الدول العربية والإسلامية.
وكان الرئيس بشار الاسد أصدر يوم الاحد المرسوم التشريعي رقم 108 الخاص المتعلق بقانون الاعلام، والذي يهدف تطوير الاداء الاعلامي في سورية، حيث يتضمن المبادئ والأسس التي تستند إليها ممارسة العمل الإعلامي وحقوق وواجبات الإعلاميين وشروط وإجراءات الترخيص لإصدار الوسائل الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية والإلكترونية، وذلك بعد أن كانت اللجنة المكلفة بصياغة مشروع قانون جديد للإعلام وضعت مسودة أولى للقانون الجديد تتألف من 92 مادة، تهدف إلى صيانة حرية الإعلامي في الحصول على المعلومة وأحقية النشر، بالإضافة إلى وضع الآليات اللازمة لإعادة هيكلة منظومة الإعلام الوطني، وتمت دراسة القانون من قبل لجنة وزارية تتألف من وزراء الإعلام والاتصالات والسياحة.