دافع عن الاطروحة القائلة:" إن الفلسفة الإسلامية إبداع خاص"
#الـــــــــمقدمة:
تعتبر الفلسفة اليونانية الصورة الكاملة للتفكير الفلسفي الإنساني لأن الفلاسفة اليونانية أمثال سقراط و افلاطون و أرسطو حاولوا الإجابة على عدة أسئلة خاصة ماذا فوق الأشياء؟ وماذا وراء الأشياء؟ وهذا ما جعلها ينبوع لكل الفلسفات اللاحقة ومن بينها الفلسفة الإسلامية التي لم يعش أبناؤها منعزلين عن بقية الحضارات الإنسانية الاخرى وهذا ما ادى إلى وجود اعتقاد سائد و هو أن الفلسفة الإسلامية مصدرها العوامل الخارجية و بالتالي فهي دخيلة على المسلمين،ولكن بالمقابل ظهرت فكرة أخرى تناقضها و تتمثل في أن الفلسفة الإسلامية تعود في نشأتها إلى عوامل داخلية أصيلة ، و هذا ما يجعلنا نتسائل: كيف يمكن الدفاع عن هذه الأطروحة؟ وهل يمكن إثباتها بحجج قوية؟و بالتالي الأخذ برأي مناصريها؟
#الـــــعرض:
الموقف و المسلمات و الحجج
إن منطق هذه الأطروحة يتمركز حول موضوع الفلسفة الإسلامية ، حيث يرى بعض الفلاسفة بأن التفكير الفلسفي الإسلامي يعود في نشأته إلى عوامل داخلية مرتبطة بالبيئة الإسلامية،و قد انطلقوا من مسلمات اهمها: الفلسفة الإسلامية أصيلة و ليست دخيلة على المسلمين ثم دعموا ذلك بحجج و براهين و هي : للقرآن الكريم دور في نشأة الفلسفة الإسلامية لآن هذا المصطلح يوحي من الناحية اللغوية الترادف مع الفلسفة الدينية و أساسها عقيدة التوحيد أي بارتباطه المباشر مع الإسلام كدين، لأن القرآن يعتبر العامل الأساسي و الحاسم في إيقاظ شرارة الحكمة عند المسلمين عن طريق الحث عليها في قوله تعالى:" ادع إلى سبيل ربك بالحكمةو الموعظة الحسنة و جادلهم بالتي هي أحسن" أو عن طريق توجيه الإنسان المسلم نحو التفكير و التعقل و النظر أي التأمل في الكون عن طريق العقل في قوله تعالى:" أو لم ينظروا في ملكوت السماوات و الأرض " و قوله أيضا: " قل سيروا في الأرض و انظروا كيف بدأ الخلق..." كما أن اللغة العربية لها دور في نشأة الفلسفة الإسلامية لأنها لسان القرآن الكريم، فهي تؤدي مهام تنويرية حيث تساهم في توسيع آفاق المسلمين العقلية، بما تهيئه من أرضية ملائمة للجدل الفكري، و تقوم على المنطق و القدرة على الإقناع،و هذا ما جعل اللغة العربية تحمل بين ثناياها تصانيف الفقهاء و العلماء و الفلاسفة،و تساهم في توحيد لسان المسلمين على تنوع أعراقهم و ثقافتهم الأصلية و تساعد على حفظ سور القرآن الكريم و الاحاديث النبوية الشريفة.
*#نقد #خصوم #الاطروحة:
للأطروحة السابقة خصوم وهم بعض المستشرقين الذين يعتقدون بان الفلسفة الإسلامية مصدرها العوامل الخارجية و المتمثلة في الثقافة اليونانية لأن تفاعل الإسلام مع مختلف الحضارات و خاصة الحضارة الإغريقية نتيجة للفتوحات لأن الدولة الإسلامية أصبحت تضم حضارات مختلفة و اديان و عقائد متنوعة و ذلك عن طريق حركة الترجمة التي بها تم نقل التراث اليوناني على اختلاف مدارسه و مذاهبه منذ ما قبل سقراط حتى الافلاطونية الجديدة إلى العالم الإسلامي حيث ترجمت كتب أفلاطون و أرسطو ...و نكتشف مظاهر هذا التأثر من خلال شروح بعض الفلاسفة أمثال : الكندي ، ابن الرشد
* #الدفاع #عن #الأطروحة #بحجج #شخصية :
و لكن موقف هؤلاء الخصوم ينطوي على نقائص لهذا تعرض لعدة انتقادات أهمها: بالغ أنصار هذا الموقف في تفسيرهم لنشأة الفلسفة الإسلامية لأنهم ركزوا على العوامل الخارجية و اهملوا العوامل الداخلية التي ساهمت بدورها في نشوء التفكير الفلسفي عند المسلمين لأنه من الصعب أن نتحدث عن فلسفة إسلامية دون أن يكون الإسلام أساسها بدليل ظهور بعض المشكلات الأصيلة في الفكر الإسلامي حيث يقول الدكتور عبد الحليم محمود:" لم تكن الكتب الفلسفية قد ئدث عن نشأة الكون و فنائه، و وحدانية الله ،و رفع من شأن الإنسان و كرمه بالعقل لكي يتأمل هذا الكون حيث يقول الله تعالى في سورة الأنعام: " ما فرطنا في الكتاب من شيء". وهذا ما يجعلنا نستأنس بموقف الدكتور "علي سامي النشار" الذي يقول:" فذهب البعض إلى أن المسلمين اندفعوا بطبيعتهم إلى البحث الفلسفي، إن القرآن و الحديث أتى لهم بالأصل الميتافيزيقي ( إن الله ذات و له أسماء( فكان لابد أن يتساءلوا ، ما هي حقيقة الذات،و حقيقة الاسم؟
#الــــخاتمة:
إذن نستنتج بأن الأطروحة القائلة " الفلسفة الإسلامية إبداع خاص" صحيحة لأن العوامل الداخلية التي تتعلق بالبيئة الإسلامية ساهمت في نشوء التفكير الفلسفي عند المسلمين ، لهذا فهي أطروحة مؤكدة بحجج كافية وهذا ما يجعلنا نأخذ برأي مناصريها و نتبناه.
.______________________________________________
#مقالة #فلسفية #خاصة #بالسنة #ثانية #ثانوي شعبة آداب وفلسفة :
حول العلاقة بين #الفلسفة #والدين
هل يمكن التوفيق بين الدين و الفلسفة؟ (الطريقة الجدلية)
#طرح #المشكلة:تعتبر الفلسفة الإسلامية من الفلسفات التي تميز العصر الوسيط حيث استطاعت أن ترقى إلى مستوى الفلسفات الأخرى فارتبطت بإشكاليات متعددة و حاول الفلاسفة المسلمين الوصول إلى حلها من خلال التوفيق بين الدين و العقل و حول ذلك اختلفت آراء الفلاسفة المسلمين فهناك من أكد أنه يمكن التوفيق بينهما و هناك من أقر العكس و منه يمكن طرح التساؤل التالي:هل يمكن التوفيق بين الدين و الفلسفة؟
#محاولة #حل #المشكلة:
#الموقف #الأول(الأطروحة الأولى):يرى أنصار هذا الموقف أن هناك توافق بين الدين والفلسفة أي بين الشريعة و العقل فكلاهما يقود الناس إلى الوصول و معرفة الحقيقة وهذا ما أكده كل من إخوان الصفا الكندي و ابن رشد حيث اعتبر إخوان الصفا أنه متى انتظمت الفلسفة مع الشريعة حدث الكمال لذلك قالوا الشريعة دنست بالجهالات و اختلطت بالضلالات ولا سبيل إلى غسلها وتطهيرها ألا بالفلسفة و ذهب الكندي إلى الموقف نفسه حيث يرى لأن الفلسفة أشرف العلوم و من الضرورية الأخذ بها لأنها علم الحق وكذلك الدين هو علم الحق فهناك انسجام بينهما و توافق أما ابن رشد فهو يرى أن الفلسفة لا تناقض الدين بل تفسره فقد جعل الفلسفة في خدمة علم التوحيد وهذا من خلال الاستشهاد ببعض الآيات القرآنية التي تأكد على النظر في جميع الموجودات بواسطة العقل قوله تعالى<فأعتبر يا أولي الأبصار >ولقد بين أن ما تدعوا إليه الفلسفة من طلب للحقيقة ينسجم مع مقاصد الشريعة وهو القائل<الحكمة صاحبة الشريعة والأخت الرضيعة و هما المصطحبتان بالطبع المستحبتان بالجوهر و الغريزة > ومنه يمكن التوفيق بين الوحي ومضامينه و العقل ومبادئه وليس توفيق بين الدين و معطيات الفلسفة بمفهومها اليوناني
#النقد:لكن ما يمكن أخذه على هذا الموقف أنهم بالغوا في تمجيد دور العقل فقد يوقعنا في كثير من المرات في الأخطاء و الاكتفاء به يحرفنا عن الطريق المستقيم كما أن هذا الموقف أهمل الاختلاف الموجود بين أمور العقل و أمور الشريعة/
#الموقف الثاني(الأطروحة الثانية):يرى أنصار هذا الموقف أنه لا يوجد توفيق بين الدين والفلسفة لأن لكل واحد منهم خصائص فالدين مثلا يقدم القضايا الإيمان كمسلمات لا يمكن مناقشتها كقوله تعالى<الرحمان على العرش إستوى>فيجب على الإنسان الإيمان بها كما وردت لأن الدين وحي إلهي أما في الفلسفة فمصدرها الإنسان قائمة على العقل المحدود الذي لا يعرف الأمور الطبيعية كما أن التاريخ يؤكد أن العقل وقع في الأخطاء خصوصا في أمور العقيدة فالمعتزلة مثلا عند عقلتنها للدين خرجت عن أصوله ومن ذلك إنكارها لشفاعة الرسول ص كونه تتنافى مع العدل الإلهي و يؤكد هذا الرأي أبو حامد الغزالي و ابن خلدون حيث أقر هذا الأخير أن العقل محدود و الأمور الغيبية فوق قدرته فلا يمكن التوفيق بين الدين والعقل أما أبو حامد الغزالي فهو يرى أن العقل صالح للقضايا الرياضية و المنطقية بينما هو عاجز في الأمور الإلهية فقال<لو كانت علومهم الإلهية متقنة البراهين نقي عن التخمين كعلومهم الحسابية و المنطقية لما اختلفوا فيها كما لم يختلفوا في الحساب ومنه لا يمكن التوفيق بين الدين و الفلسفة
النقد:لكن لا يمكن إنكار دور العقل في بناء المقاصد الشريعة لأن فهم الدين و تفسيره لا يكون إلا بواسطة العقل التركيب:ومما سبق يمكن الإقرار بأنه يوجد توفيق بين الدين والفلسفة و لكن في حدود فالأمور الغيبية ليس بالاستطاعة الإنسان الغوص فيها ذلك لأنها تتعلق بالأمور الإلهية هذا لا يمنع أنه من الضروري استعمال العقل في التفسير الآيات القرآنية لكي يستطيع الإنسان التعرف على مقاصد الشريعة
حل المشكلة:في الأخير ما يمكن تأكيده أنه هناك توفيق بين الدين والفلسفة و لكن ضمن شروط و قواعد فالأمور الإلهية تبقى خاصة لا يمكن للعقل الخوض فيها.
____________________________________________
الفلسفة الاسلامية ظهرت بعد تاثرها واحتكاكها بالفلسفة اليونانية
عرض الاطروحة الثانية التى تفيد ان الفلسفة الاسلامية امتداد للفلسفة اليونانية يري انصار هده الاطروحة بقيادة المستشرق رينان انا الفلسفة الاسلامية هى اقتباس وتحديث للفلسفة اليونانية كما ان الفلسفة الاسلامية ظهرت بعد التاثر بالفلسة اليونانية والاحتكاك بها كما انها ادخلت عامل الدين فقط وغيرت فى الفلسفة حتى اصبحت اسلامية
نقد. هده الاطروحة نسبيه فالفسفة الاسلامية ظهرت فى وقت وجب عليها الظهور فيه وليس بعد التاثر بالفلسفة اليونانية وهى ليست امتداد للفلسفة اليونانية
التركيب الراى الشخصى وكتاسيس لراى شخصى يصح القول بان الفلسفة الاسلامية امتداد وابداع فلقد تاثرت بالفلسفة اليونانية وابداع من حيث انها استطاعت ان تنتج عديد من العلوم
الخاتمة الفصل فى المشكل وعلى ضوء ما درسناه وكاستناج للفصل فى المشكل نستطيع ان نقول ان الفلسفة الاسلامية امتداد للفلسفة اليونانيه حيث انها تاثرت بها والفلسفة الاسلامية ابداع من حيث انها استطاعت ان تفرض هيبنها على الساحة الفلسفية بانتاجها للعلوم وتععد مناهجها.
____________________________________________
ما الفرق بين علم الكلام و الفلسفة؟
مقدمة : يعتبر علم الكلام من مظاهر الفلسفة الإسلامية فهو إبداع إسلامي بحت و يعرّف بأنه الدفاع عن العقيدة الإسلامية بالحجج والبراهين العقلية لدفع الشبه و الرد على المبتدعة المنحرفين عن مذاهب السلف و أهل السنة، و من خلال التعريف يبدو أن كل من الفيلسوف و عالم الكلام يعتمد العقل و من هنا التساؤل ما الفرق بين علم الكلام والفلسفة؟
محاولة حل المشكلة:
أوجه التشابه: كل منهما يفكر أي أن كل منهما يعتمد على العقل و المنطق لبرهان قضاياه و الاستدلال عليها.
أوجه الاختلاف:
- الفيلسوف العقلي يدرس موضوعه دراسة عقلية خالصة، لا ترتبط بدين و تبدأ عادة بالشك في الأشياء، ثم يتدرج منه إلى اليقين.
- أما المتكلم فيبدأ بحثه بالإيمان بالعقيدة إيمانا قلبيا ثم يذهب كل مذهب للحصول على أدلة عقلية تزكي هذا الإيمان و تدفع شبه الخصم، فموقفه إذن هو موقف المدافع عن العقائد و هذا يعني أنه يؤمن بصحة القضايا التي يدافع عنها أولا ثم يعمل عقله ثانية، و يدعمها بالبراهين، فالمتكلم يعتمد في منهجه على النصوص الدينية أساسا و على الاستدلال العقلي كوسيلة.
- و قد بين ابن خلدون هذا الاختلاف من خلال موقف المتكلم من الكائنات و موقف الفيلسوف منها ، فالمتكلم اعتاد أن يتخذ منها دليلا على وجود الله بملاحظة الفاعل، و الفيلسوف يقصر همه على دراسة كنهها و على ملاحظة حركتها أو سكونها لمعرفة حقيقتها بمنأى عن ملاحظة الصانع.
- إن غرض الفيلسوف هو البحث عن الحقيقة بغض النظر عن طبيعتها. بينما غرض المتكلم هو إقرار عقائد معينة أي العقيدة الواردة في الشرع..
أوجه التداخل:
- اعتبار المتكلم يفكر في إطار عقائدي لا ينفي عنه صفة الفيلسوف.. فكثيرا من المتكلمين خاضوا في قضايا فلسفية و كانت لهم أراء و مواقف تجاوزا بها أراء و مواقف بعض الفلاسفة اليونانيين... و عليه فكل منهما فيلسوف..لاشتراكهما في فعل التفلسف أو التفكير المنطقي و إن اختلفت موضوعات البحث.
الخاتمة : حل المشكلة: رغم الاختلاف بين المتكلم و الفيلسوف في المنطلقات إلا أنه لا يمكن الفصل بينهما من حيث الفعل و هو التفكير و إعمال العقل في فهم القضايا و الموضوعات التي يثيرها كل متجريبية
____________________________________________
هل الفلسفة الإسلامية هي امتداد للفلسفة اليونانية ؟
أنشأ المسلمون حضارة مميزة بلغ صيتها الآفاق حيث هيمن الفكر الإسلامي على العالم لأمد طويل، و من اهم تجليات هذا الفكر نجد الفلسفة، ولطالما حاول المفكرون رصد أسباب نشأتها وساد الزعم لدى الكثير منهم بانها ظهرت نتيجة عوامل خارجية اهمها تأثير الفلسفة اليونانية خاصة والحضارات الشرقية عامة فهل الفلسفة الإسلامية وليدة الفلسفة اليونانية و امتداد لها؟
يقوم منطق هذه الأطروحة على المسلمة الشهيرة القائلة ان الفلسفة الإسلامية لم تظهر إلى الوجود إلا بعد إتصال المسلمين بغيرهم من الأمم الراقية كالفرس و الروم و الصين حيث أن الفتوحات الإسلامية فكت العزلة عن العرب و جعلتهم يكتشفون انماط فكرية جديدة لم يألفوها و كان لزاما عليهم الدفاع عن عقيدتهم أمام هجمات المعارضين و المشككين . والدليل على ذلك تأثرهم بأفلاطون و أرسطو و سقراط و قد نبغ منهم الكثيرون مثل الكندي و الفارابي و ابن سينا و ابن الرشد و غيرهم ...الخ.إذن فالتحولات الاجتماعية و الثقافية تأثرت باليونانيين أيما تأثير . و يكشف لنا مؤرخو الفلسفة أن الفلسفة الإسلامية نشأت و ازدهرت نتيجة الترجمة في العصر العباسي وبفعل احتكاك المسلمين في الأندلس بالتراث الإغريقي الروماني.حيث قال أحد الفلاسفة: (من فضل المسلمين علينا أنهم عرفونابكثير من فلاسفة اليونان.وكانت لهم الأيدي البيضاءعلى النهضة الفلسفية)
إن التمعن في منطق هذه الأطروحة يكشف دون عناء زيفها و يقف على هشاشة مسلماتها فاتصال العرب مع غيرهم من الأمم تم قبل الإسلام من خلال رحلتي الشتاء و الصيف و كذا التعامل مع الفرس و الروم. و مثال ذلك الملوك الغساسنة .فلماذا لم تظهر الفلسفة لديهم ؟ لماذا اقتصرو على الشعر فقط؟ اما القول بأن المسلمين كانو يشرحون فقط فهذا تقليل من شأن إبداعاتهم في علم الكلام و علم أصول الفقه و الراضيات و الهندسة و البصريات و الكيمياء و علم العمران و غيرذلك.
من هنا يتجلى لنا أن هذا الرأي أهمل المقومات و الشروط الداخلية التي مكنت المسلمين من النهوض .و لعل أولها هو هدي القرآن و السنة و و دعوتهما إلى التأمل و التدبر في الآفاق وفي أنفسهم و إلى طلب العلم و تحرير العقل .و تجدر الإشارة إلى أن الفكر العربي إنتقل من الجاهلية إلى الإسلام تماما مثلما انتقل الفكر اليوناني من الميتوس إلى اللوغوس. مما وفر جوا سياسيا ملائما مكن المسلمين من تجاوز مرحلة البداوة فانتقلوا إلى التمدن و إنشاء دولة و التحكم في التحولات الإجتماعية.و كان للإختلافات السياسية الدور الحاسم في ظهور الملل و النحل المختلفة مما فسح المجال لثراء الحوار و النقاش و بالتالي نمو الأفكار و تطورها خاصة بفضل العامل الفقهي و اختلاف المدارس و المذاهب،و هذه المماثلة أهملها مؤرخو الفلسفة. يتضح جليا إذن ان العوامل الداخلية مهمة .
إن هذه الأطروحة نسبية لأن الفلسفة الإسلامية احتكت بالفلسفة اليونانية حيث قال أحد الفلاسفة: (من فضل المسلمين علينا أنهم عرفونابكثير من فلاسفة اليونان.وكانت لهم الأيدي البيضاءعلى النهضة الفلسفية) حيث قال المؤرخ و الأستاذ الجامعي البلجيكي "جورج سارتون":(إن العرب استطاعوا أن يبتدعوا حضارة جديدة بما استعاروه من الفرس و اليونان و الروم" التفكير الإسلامي ليس تفكير خالص و أحادي المصدر بل اعتمد على مرجعية اليونانية و الأخذ منها، الفلسفة الإسلامية هي فعلا إسلامية لأن مرجعيتها الدين الإسلامي و عقيدة التوحيد .
ان الفلسفة الإسلامية تأثرت بغيرها من الفلسفات خاصةاليونانية لكن هذا لا يقلل من شأنها بل لها خصوصياتها لم تكن موجودة قبلها ولا بعدها فهي كذلك أثرت فيما تلاها من الحضارات بروح جديدة .
إن الفلسفة الإسلامية سليلة الفلسفة اليونانية بحيث لا يمكن أن ننكر دور الثقافات الشرقية و هذا ما يجعلها متجانسة مع الفلسفة اليونانية، و لكن هذا الأمرلا يستقيم لا منطقيا و لا واقعيا لأنها أيضا نشأت بفعل عوامل ذاتية و موضوعية أخرى.
____________________________________
مقالة نموذجية.
تحليل مقالة فلسفية لتلاميذ السنة الثانية آداب وفلسفة .... " هل يُمكن تفسير الكون بالعناصر المادية ؟" حلّل وناقش...
،
ـــ طرح المشكلة:
الإنسان بطبعه يسأل والدليل على ذلك الطفل الصغير الذي يريد أن يعرف كل مايحيط به، فالإنسان يتفلسف كما يتنفس، لكن الفلسفة لم تظهر بشكل شامل ومُفصَّل إلاَّ بعد القرن الخامس ق.م على يد اليونانيين الذين حاولوا الإجابة على سؤالين.. ماأصل الأشياء؟ وماوراء الأشياء ؟ ولهذا إختلفت آراء فلاسفة اليونان فبعضهم ردّها إلى العناصر المادية في حين أرجعها البعض إلى العناصر المجردة . ومن خلال ذلك نتساءل: * هل يرجع مصدر الكون إلى العناصر المادية او العناصر المجردة ؟
محاولة حل المشكلة:
الموقف الاول: يرى بعض الفلاسفة اليونانيين * طاليس* بأن أصل الكون يعود إلى العناصر المادية وهي التي كوَّنت هذا العالم فيُؤكد طاليس بأن الماء هو المادة الاولى التي تتكون بها الأشياء وبالتالي هو مصدر الكون حيث يقول * إن النبات والحيوان يتغذيان بالرطوبة ومبدأ الرطوبة الماء ، وأن التراب يتكون من الماء ، فالماء أصل كل الاشياء*
الدليل: كما يؤكد ألكسيمانس بأن الهواء هو المبدأ الاول للكون لأن الموجودات تحدث بالتكاثف والتخلخل فتكاثف الهواء ينتج عنه الريح والسحب والمطر والتراب والتخلخل ينتج عنه النار والكواكب وأخيرا يبرهن هيروقليطس على ان النار هو المبدأ الاول الذي تنتج منه الاشياء وترجع إليه ذلك لان النار تساهم في تحول الأشياء.
نقذ الموقف: رغم قيمة هذا الطرح غير أن أصحاب هذا الموقف بالغوا في تفسيرهم للكون بالعناصر المادية مهملين بذلك العناصر المعنوية .
الموقف التاني: وعلى خلاف الموقف الاول ذهب أنصار هذا الموقف إلى القول بأن الكون عناصره مجردة، فيُؤكد أنبادوقليس ان اصل الكون هما قوتان كبيرتان المحبة والكراهية ( الحب والنفور ) فالمحبة علة الخير والجمال والإستقرار والنظام ، أما الكراهية فهي علَّة الشر والقبح والفوضى كما يؤكد ألكساغوراس أن وراء الأشياء قوة عاقلة مجرّدة توَّلد الحركة في الاشياء فيقول * العقل ألطف الأشياء وأصفاها بدليل مفارقته للطابع كلها... عليم بكل شيئ قدير على كل شيئ متحرك بذاته*
ويزيد فيثاغورس بتدعيم هذا الموقف بالقول أن العدد هو أصل الكون.
نقذ الموقف : لكن أنصار هذا الموقف بدورهم بالغوا في تفسير هذا الكون وردِّه للعناصر المجردة متجاهلين بذلك دور العناصر المادية وضرورتها في هذا الوجود.
تركيب: من خلال استعراضنا للموقفين المتعارضين فيمكننا تهذيب هذا التعارض بالقول أن الكون يتشكل من إتحاد العناصر المادية المجردة معًا.
حل المشكلة: إذن نستنتج أن اصل الكون لايمكن إرجاعه إلى الجانب المادي ولا الجانب المجردة فقط، طالما ينطوي على مظاهر مادية مجردة.
___________________________________________
الجدلية الفلسفة الإسلامية
هل تعتقد بأن الفلسفة تنسجم مع الشرع؟ حلل و ناقش
المقــــــدمـــة:
ليس هناك شك في أن التفكير الفلسفي قد بدأ عند اليونان ، إذ تناولو بالدراسة وتأمل موضوعات النفس و الألوهية و العالم...لهذا فالفلسفة اليونانية هي الصورة الكاملة للتفكير الفلسفي الإنساني و تعتبر منهلا لكل الفلسفات اللاحقة و من بينها الفلسفة الإسلامية التي لم يعش أبناؤها منعزلين عما كان موجودا في بقية الحضارات الأخرى و هي عوامل خارجية أما العوامل الداخلية التي ساهمت في نشأتها فتتمثل في القرآن و السنة و هذا ما أدى إلى ظهور مسائل فلسفية أصلية في الفكر الإسلامي خاصة مشكلة التوفيق بين الفلسفة و الدين، لهذا نتسائل هل يجب عقلنة الدين أم ديننة العقل؟
الــــــــــعرض:
الــــموقف (1):
يرى أبو حامد الغازالي بأن الفلسفة تعارض الدين لأنها تتنافى صراحة مع أصول الإسلام و قد انتقد في كتابه" تهافت الفلاسفة" الفكر الفلسفي اليوناني .و بعض الفلاسفة المسلمين الذين تأثروا بالفلسفة اليونانية خاصة " الفرابي" و "ابن سينا" في قوله:" يجب القول بكفرهم، ووجوب القتل لمن يعتقد اعتقادهم...و يجب تكفيرهم في ثلاث مسائل: في قولهم بقدم العالم،و انكارهم علم الله بالجزيئات ،و القول بحشر الأرواح ( يوم القيامة) دون أجساد".بالتالي فإنه عارض الفلاسفة في قوله بقدم العالم وهذه مسألة تناقض مبدأ خلق العالم في القرآن الكريم كما عارضهم في قولهم أن العلم الإلهي يشمل الكليات فقط لأنه يشمل الكليات و الجزئيات معا، كما عارضهم في قولهم بحشر النفوس دون الأبدان يوم القيامة وهذا يتناقض مع ما جاء به الإسلام بصريح الكتاب و السنة حيث يقول في كتابه السابق" ونحن لم نلزم في هذا الكتاب إلا تكفير مذهبهم، و التغيير في وجوه أدلتهم، بما يبين تهافتهم". لهذا فالغزالي يرى بأن الدراسات الفلسفية في أغلب جوابنبها الإلهية ، الميتافيزيقية، و أصولها الإغريقية ( اليونانية) مرفوضة عقلا ودينا لأن العقل قاصر عن إدراك هذه الحقائق، إذن فالحكمة اليونانية تتناقض مع الشريعة الإسلامية.
الــــــنقد:
لكن هذا الاعتراض الذي وجهه الغزالي لا يقلل أبدا من شأن و فضل الفلسفة الإغريقية على العرب و الإنسانية جمعاء فليس المهم في تاريخ الفلسفة أن تقبل آراء "أفلاطون" مثلا بل المهم هو أن ننقد هذه الفلسفة، كما أن التاريخ يؤكد بأن هناك فلسفات إيمانية تنسجم مع الشريعة الإسلامية .
المــــوقف(2):
.إذن سلبيات هذا الموقف هي التي أت إلى ظهور موقف آخر يناقضه وهوالموقف النقيض الذي يتزعمه الفيلسوف أبو الوليد بن رشد الذي يرى بأن الفلسفة ( العقل) لا تناقض الدين (النقل) لأنه كان جريئا عندما ألف كتاب تهافت التهافت" يدافع فيه عن الفلسفة في بيئة ناقمة على كل فيلسوف ، أي أن الفلسفة تدعم الدين و تنسجم معه في قوله: " فعل الفلسفة ليس أكثر من النظر في الموجودات و اعتبارها من جهة دلالتها على الصانع و انه كلما كانت المعرفة بصنعتها أتم انت المعرفة بالصانع أتم"، و بهذا اجعل الفلسفة في خدمة علم التوحيد الدين كما بين في عدة آيات قرآنية كقوله تعالى: "فاعتبروا يا أولي الأبصار" و قوله أيضا : " أولم ينظرو في ملكوت السموات و الأرض وما خلق الله من شيء" وهذا نص يحث على النظر في جميع الموجودات لمعرفة الخالق عن طريق العقل( التأمل العقلي) ، أي أن الشرع نفسه يأمر بدراسة الفلسفة و يرى بأن هذه الآيات نصوص على استعمال القياس، و ينتهي ابن الرشد في كتابه"فصل المقال" إلى أن الشريعة الإسلامية إذا كانت حقا وداعية إلى النظر المؤدي إلى معرفة الحق، فإنها حق أي إن الشريعة تتفق مع العقل ( الحكمة) لأن الحق لا يضاد بالحق في قوله:" فإن معشر المسلمين نعلم على يقين أنه لا يؤدي النظر البرهاني إلى مخالفة ما ورد به الشرع فإن الحق لا يضاد بالحق ، بل يوافقه و يشهدله".لقد أصاب ابن الرشد في تأكيده إمكانية الجمع بين التفلسف الصادق و التدين العميق أي في تقريب الدين من الفلسفة
الـــــــــنقد:
لكن من جهة أخرى فإننا لا يمكن إنكار الفروق الواضحة بين الفلسفة و الدين من حيث الطبيعة و الوسيلة و الغاية، لأن الشريعة تعالج أمورا لا تتعرض لها الفلسفة و العكس صحيح ، كما أن التاريخ يؤكد بأن هناك فلسفات تتعارض مع الشريعة لأنها ملحدة.
الـــــــــــــتركيب:
إن الانتقادات الموجهة للموقفين السابقين هي التي أدت إلى ظهور موقف آخر يوفق بينهما وهو: الموقف التركيبي الذي يرى أنصاره بأن الفلسفة تتعارض مع الدين أحيانا و احيانا اخرى تنسجم معه: فهي تتناقض معه إذا عالجت قضايا لا تتفق مع الشرع و تتكامل معه إذا درست مسائل يدعو إليها.( الرأي الشخصي) إلاأن الرأي الصحيح هو الذي يرى بأن هناك تكامل بين الفلسفة و الدين أي يجب عقلنة الدين و ديننة العقل في نفس الوقت.
الــــــــــــخاتمة:
و في الأخير نستنتج بأن الفلسفة لا تعارض الشرع دائما بل قد تنسجم ممعه لأن الفلسفة الإسلامية جزء من التراث الفكري العالمي استوعبت الفلسفة اليونانية من جهةو العقيدة الإسلامية من جهة أخرى و حاولت التوفيق بينهما.