اللهو والمجون لم يكن وليد الحياة العباسية ، بل عرف في عصر الأمويين ولكن ازدادت هذه الموجة ،واتسعت في عهد العباسيين وذلك لظهور بعض المذاهب الشاكة، وعلى رأسها الزنادقة والشعوبيين وأيضا لانتشار دور القيان والمغنيين في هذا العصر..
-هذه الدور كانت بحاجة ليزداد روادها إلى جوار مغنيات مثقفات ليجتذبن أكبر عدد من الرواد. فكان من بين هؤلاء الرواد مجموعة من الشعراء ، وجدوا أن السبيل لنشر شعرهم بين الناس هو أن تغنيه جارية تتقن فن الغناء, وقد وجدوا ضالتهم في هذه الدور, التي وصفها الشعراء في شعرهم بأوصاف تتدل على مدى انتشار جو اللهو والمجون، وسيطرته على هذا العصر.
-ويأتي أبو نواس على رأس شعراء هذه الموجة من حيث تصويره لحياة اللهو والمجون التي كان يعيش فيها, وهو فعلا لا يبارى في ذلك، فهو شاعر الخمر الأول
-ويلحق بالخمر وصف الأديرة بيوت الرهبان والقساوسة ، وكانت تقدم الخمر, واشتهر أمرها في تراثنا العربي, ووصفها الشعراء, وألف الكتاب كتبا تصف لنا هذه الأديرة وما قيل فيها من أشعار.
-ولم يقف هذا الجو الماجن الخليع على وصف الخمر بل تعداه إلى موضوع هو آفة من آفات هذا العصر, هذا الموضوع هو الغزل بالمذكر, ولا نغالي إن قلنا إنه كان مرضا من أمراض هذا المجتمع, وما خلفه لنا العرب من الغزل بالمذكر يعدل ما خلفوه من الغزل بالمؤنث, وهو في جميعه لا يخرج عن صورة حسية تبعث اللذة
