اثار تزكية المؤمن لنفسه على استقامة سلوكه ومعاملته:
تزكية النفس اصطلاحاً هي تطهيرها و تنقيتها من الصفات المذمومة والقبيحة، والسعي على تكميلها وتجميلها بالأعمال الصالحة، وتعظيم الله تعالى.
ومن الجدير بالذكر أنّ الله سبحانه هو المختصّ بتزكية الأنفس، وليس أيّ أحد غيره، حيث قال: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُم بَلِ اللَّـهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا)،
فمعنى الآية أنّ الله وحده هو الذي يعلم بالنفس التي تستحق التزكية، وأمّا من لا يستحقها فعيله تزكية نفسه بنفسه، مع تفويض وتوكيل الأمور إلى الله تعالى، فتزكية النفس لذاتها لا تجدي أي ثمرة أو نتيجة، حيث إنّها تحمل عليها حب النفس، وطلب العلو والكبْر والتفاخر والرفعة، وقال الإمام القرطبي تعليقاً على الآية السابقة: (يقتضي الغض من المزكي لنفسه بلسانه، والإعلام بأن الزاكي المزكي من حسنت أفعاله، وزكاه الله عز وجل فلا عبرة بتزكية الإنسان نفسه، وإنما العبرة بتزكية الله له).
وتجدر الإشارة إلى أنّ تزكية النفس من الأمراض القلبية الخطيرة التي تعيق على الفرد والمجتمع عملية الإصلاح، فالنظر إلى النفس على أنّها كاملة يعدّ من الأسباب التي تعميها عن النظر إلى العيوب والأمراض التي تحتاج إلى علاج، ممّا يؤدي إلى العجب والحسد والكبر، فالذي ينظر إلى نفسه على أنّها كاملة سيشعر بأنه يستحق التقدير والتعظيم والثناء، ممّا يؤدي إلى احتقار الناس بسبب عدم تقديرهم له، وإن اثنوا على غيره دخل الحسد إلى نفسه للمُثنى عليه.
وتتحق تزكية النفس بقيام العبد بالعديد من الأمور منها التوبة والإنابة والرجوع إلى الله تعالى و المدامة والاإسمرار على ذكر الله تعالى وتوبيخ النفس وتقريعها، والعمل على الوصول بها إلى الطاعةو مخالفة النفس، وإنكار الأعمال التي تقوم بها، وإنكار ما عليه من القبائح والرذائل، والعمل على عدم تلبية ما تسعى إلى تحقيقه، فالنفس مائلة إلى الراحة والمداومة على وعظ النفس وتذكيرها بالموت وبالدار الآخرة.
يتحقق صلاح الجسد بصلاح القلب وتزكية النفس فيستقيم سلوك الفرد ومعاملاته فيترتب على ذلك النجاة يوم القيامة والفوز بالدارين وهذا من أعظم اثار تزكية النفس.