لماذا لا يكون هناك نبياً أمرأة
قد ذهب بعض العلماء كأبي الحسن الأشعري والقرطبي وابن حزم إلى وجود نبيَّات من النساء ! ومنهن مريم بنت عمران ، ودليلهم ما جاء من آيات فيها بيان وحي الله تعالى لأم موسى – مثلاً - ، وما جاء من خطاب الملائكة لمريم عليها السلام ، وأيضاً باصطفاء الله تعالى لها على نساء العالَمين .
وهذا الذي قالوه لا يظهر رجحانه .
قال الشيخ عمر الأشقر – حفظه الله - :
"وهذا الذي ذكروه لا ينهض لإثبات نبوة النساء ، والرد عليهم من وجوه :
الأول : أنّا لا نسلِّم لهم أن النبيَّ غير مأمور بالتبليغ والتوجيه ومخالطة الناس ، والذي اخترناه : أن لا فرق بين النبيّ والرسول في هذا ، وأنَّ الفرق واقع في كون النبي مرسل بتشريع رسول سابق .
وإذا كان الأمر كذلك : فالمحذورات التي قيلت في إرسال رسول من النساء قائمة في بعث نبي من النساء ، وهي محذورات كثيرة تجعل المرأة لا تستطيع القيام بحقّ النبوة .
الثاني : قد يكون وحي الله إلى هؤلاء النسوة - أم موسى وآسية - إنّما وقع مناماً ، فقد علمنا أنّ من الوحي ما يكون مناماً ، وهذا يقع لغير الأنبياء .
الثالث : لا نسلِّم لهم قولهم : إن كل من خاطبته الملائكة فهو نبي ، ففي الحديث أن الله أرسل ملكاً لرجل يزور أخاً له في الله في قرية أخرى ، فسأله عن سبب زيارته له ، فلمّا أخبره أنه يحبّه في الله ، أعلمه أنَّ الله قد بعثه إليه ليخبره أنه يحبّه ، وقصة الأقرع والأبرص والأعمى معروفة ، وقد جاء جبريل يعلم الصحابة أمر دينهم بسؤال الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة يشاهدونه ويسمعونه .
الرابع : لا حجّة لهم في النصوص الدالة على اصطفاء الله لمريم ؛ فالله قد صرح بأنّه اصطفى غير الأنبياء ( ثمُّ أَوْرَثْنَا الكِتَابَ الَّذين اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُم ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُم سَابِقٌ بِالخَيْرَاتِ ) فاطر/ 32 ، واصطفى آلَ إبراهيم وآلَ عمران على العالَمين ، ومِن آلِهِما من ليس بنبيّ جزماً ( إِنَّ الله اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إبْرَاهيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى العَالَمِينَ ) آل عمران/ 33 .
الخامس : لا يلزم من لفظ الكمال الوارد في الحديث الذي احتجوا به ، النبوة ؛ لأنّه يطلَق لتمام الشيء وتناهيه في بابه ، فالمراد : بلوغ النساء الكاملات النهاية في جميع الفضائل التي للنساء ، وعلى ذلك فالكمال هنا غير كمال الأنبياء .
السادس : ورد في بعض الأحاديث النصّ على أن خديجة من الكاملات ، وهذا يبيِّن أن الكمال هنا ليس كمال النبوة .
انظر الأحاديث في هذا الباب مع شرحها في جواب السؤال رقم ( 7181 ) .
السابع: ورد في بعض الأحاديث أن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة إلاّ ما كان من مريم ابنة عمران ، وهذا يبطل القول بنبوة من عدا مريم كأم موسى وآسية ؛ لأنّ فاطمة ليست بنبيَّة جزماً ، وقد نصَّ الحديث على أنها أفضل من غيرها ، فلو كانت أم موسى وآسية نبيتان لكانتا أفضل من فاطمة .
الثامن : وصف مريم بأنها صِدِّيقة في مقام الثناء عليها والإخبار بفضلها ، قال تعالى ( مَّا المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَت مِن قَبْلِه الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ ) المائدة/ 75 ، فلو كان هناك وصف أعلى من ذلك لوصفها به ، ولم يأت في نصّ قرآني ولا في حديث نبويّ صحيح إخبار بنبوة واحدة من النساء .
وقد نقل القاضي عياض عن جمهور الفقهاء أنّ مريم ليست بنبيّة ، وذكر النووي في " الأذكار " عن إمام الحرمين أنّه نقل الإجماع على أنّ مريم ليست نبيّة ، ونسبه في " شرح المهذب " لجماعة ، وجاء عن الحسن البصري : ليس في النساء نبيّة ولا في الجنّ " .انتهى باختصارمن" الرسل والرسالات " ( ص 87 – 89 ) .
المصدر: موقع الأسلام سؤال وجواب