في مكة، ومن أهلها، وعلى فترة من الرُّسل، أرسَل اللهُ محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بالهُدى ودين الحق ليُظهِره على الدين كله وليُخرِج الناس من الظلمات إلى النور، وليَهديهم إلى صراط العزيز الحميد - وذلك بعد أن ضرَب الناس في الضلالة، وأمعَنوا في الغَواية، وطال عليهم الأمدُ فقَستْ قلوبهم، دعاهم - صلى الله عليه وسلم - إلى الإيمان بما جاء به ليرتفِعوا بأنفسهم وعقولهم عن عبادة الأحجار التي اتَّخذوها آلهة من دون الله، زاعمين أنها تضُر وتنفع، وأنها تغفِر لهم ما يقترِفون من إثم، وليتَّجِهوا إلى الله الذي خلَقهم وخلَق آباءهم من قبْلهم فيَعبدوه مخلصين له الدين، ويقربوا إليه بالطاعات، فهو وحده الذي تَعنُو له الوجوه وتَخِرُّ له الرؤوس.
دعاهم إلى الإيمان بحياة بعد هذه الحياة، إلى الإيمان باليوم الآخر الذي يَبعَث فيه الخَلْق ويَنشُرهم من قبورهم؛ ﴿ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ ﴾ [يونس: 4] ﴿ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى ﴾ [النجم: 31].
دعاهم إلى ترْك ما هم غارقون فيه من الضلالات والخُرافات والأوهام من وأْد البنات والاستِقسام بالأزلام والكَهانة والتطيُّر والطَّرق وزجْر الطير؛ لذلك امتنَّ الله - سبحانه وتعالى - على الناس ببعْثه - صلى الله عليه وسلم - فقال: ﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [الجمعة: 2].
مقتبس من :الالوكة الشرعيه