الإيمان بالقدر لا يعارض الأخذ بالأسباب المشروعة، بل الأسباب مقدَّرة أيضاً كالمسببات، فمن زعم أن الله تعالى قدّر النتائج والمسببات من غير مقدماتها وأسبابها، فقد ذهل عن حقيقة القدر، وأعظم على الله الفرية، فالأسباب مقدّرة كالمسببات، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن سأله عن الرّقي،
يجب ألاَّ يغيب عن بالنا أننا مأمورون بالأخذ بالأسباب مع التوكل على الله تعالى والإيمان أن بيده ملكوت كل شيء، والإيمان بأن الأسباب لا تعطي النتائج إلا بإذن الله تعالى فالذي خلق الأسباب هو الذي خلق النتائج والثمار، فمن أراد النسل الصالح فلا بد أن يتخذ سبباً وهو الزواج الشرعي؛ ولكن هذا الزواج قد يعطي الثمار، وهي النسل، وقد لا يعطي، حسب إرادة العزيز الحكيم، ومشيئة اللطيف الخبير: ﴿ لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ﴾ [الشورى: 49، 50]، ولهذا يحرم على المسلم ترك الأخذ بالأسباب، فلو ترك إنسان السعي في طلب الرزق لكان آثماً، مع أن الرزق بيد الله.