القائل من طلب العلا هجر القرى هو شخص مجهول، وقد تناقلت هذه العبارة عبر الأجيال حتى أصبحت موروثاً شعبياً شأنها شأن الأقوال المأثورة لا نعرف قائلها، ولكن يتداولها الناس بينهم وبين بعض على مر العصور، وقد انتشرت فى الآونة الأخيرة نسبة عبارة من هجر طلب العلا هجر القرى إلى الإمام مالك، حيث ادعى البعض أن الإمام مالك قد وصى بها الإمام الشافعى، وهو خطأ واضح وافتراء، ربما لأن وصية الإمام مالك للإمام الشافعى قريبة من ذلك المعنى، حيث قال الإمام مالك فى وصيته " لا تسكن الريف فيضيع علمك، واكتسب الدرهم و لا تكن عالة على الناس، و اتخذ لك ذا جاه ظهرا لئلا يستخف بك العامة، و لا تدخل على ذي سلطنة إلا و عنده من يعرفك، و إذا جلست عند كبير فليكن بينك و بينه فسحة لئلا يأتي إليه من هو أقرب منك فيدنيه و يبعدك فيحصل في نفسك شئ"
أما عبارة من من طلب العلا هجر القرى، إن الحسد فى الأرياف ميراث، فهم عبارة ظالمة بعض الشئ، لأن فى كل مكان يوجد الخبيث والطيب، والأمر ليس محكوماً بالريف أو الحضر، وإنما بالنفس الطيبة أو الخبيثة، فأفعال الناس هى التى تتحكم فيهم، وليس البيئة التى يولدون بها، وكم رأينا من أعلام فى كافة المجالات الدينية، والسياسية، والفنية وغيرها خرجت من الريف، وتطبعت بطباعه، واكتسبت موهبتها فيه، وأعلت من شأن بلادها، وأصبحت مثالاً يحتذى به بين الناس، وربما تداول هذه الجملة يكون قد حدث فى مواقف معينة، قد أساء فيها شخص من الريف إلى شخص آخر، ولكن ذلك ليس معناه أن كل أهل الريف مثله، نحن نحكم على تصرفات الشخص بشكل فردى، ولا يجب أن نعمم الفكرة على جميع الناس لمجرد أنهم يشتركون فى بيئة واحدة، فالبيئات تتشابه، والطباع تختلف، وهو ما يجب فهمه جيداً قبل تداول تلك العبارة التى قد تظلم الناس بعض الشئ، وتجعل صورتهم فى الأذهان مرتبطة بفعل الحسد، وكره الخير لبعضهم البعض، وأن الخروج من القرية هو النجاة. 
