انت نبعي وايكتي وظلالي وخميلي وجدولي المتسلسل
هذا البيت الشعرى من قصيدة( أنت دير الهوى وشعري صلاة) للشاعر محمود حسن إسماعيل وهو من مواليد 1910م بقرية النخيلة أبو تيج أسيوط
تخرج من كلية دار العلوم 1936م وقد توفى عام1977م ونوع القصيدة هى من الشعر الفصحى
وتقول كلماتها :
أقْبِلي كالصّلاةِ رَقْرَقها النُّسْـ = ـكُ بمحرابِ عابدٍ مُتَبَتِّلْ
أقبلي آيةً من الله عُلْيا = زَفَّها للفُنون وَحيٌ مُنزَّلْ
أقبلي فالجراحُ ظمأى ! وكأس الْـ = ـحُبِّ ثكلَى ! والشعرُ نايٌ مُعطَّلْ
أنت لحنٌ على فمي عبقريٌّ = وأنا في حدائق الله بلبلْ
أقبلي .. قبل أن تميلَ بنا الرّيـ = ـحُ ! وَيهوِي بنا الفناءُ المعجّلْ
زَوْرقي في الوجودِ حيرانُ شاكٍ = مثقَلٌ بالأسى ، شريدٌ ، مُضلّلْ
أزعجته الرياحُ ، واغتالَهُ الليْـ = ـل بجنحٍ من الدياجير مُسبلْ
فهو في ثورة الخضمِّ غريبٌ = خلط النوحَ بالمنى وتنقّلْ
أقبلي يا غرام روحي ! فالشّطّ = م بعيد! والروحُ باليأس مثقلْ
وغمامُ الحياةِ أعشى سواديّ = م ونور المنى بقلبي ، ترحّلْ
أنا ميتٌ تغافلَ القبرُ عنّي = وهو لو درى شِقوتي ما تمهّلْ
فاسكبي ليَ السنا ، وطوفي بنَعشي = يُنْعشُ الرّوحَ سحرك المتهلّلْ
أنت نبعي ، وأيكتي ، وظلالي = وخميلي ، وجدولي المتسلسلْ
أنت لي واحةٌ أفيءُ إليها = وهجيرُ الأسى بجنبيّ مُشعلْ
أنت ترنيمة الهدوء بشعري = وأنا الشاعر الحزين المبلبلْ
أنت تهويدة الخيال لأحزا = ني بأطياف نورها أتعلّلْ
أنت كأسي وكرمتي ومدامي = والطلا من يديك سكرٌ محلّلْ
أنتِ فجري على الحقُولِ..حياةٌ = وصلاةٌ ، ونشوةٌ ، وتَهَلّلْ
أنتِ تغريدة الخلود بألحا = ني..وشعر الحياةِ لغوٌ مهلهلْ
أنتِ طيفُ الغُيوب رفرفَ بالرّحْمـ = تةِ والطهر والهدى والتبتّلْ
أنتِ لي توبةٌ إذا زلّ عُمري = وصَحا الإثمُ في دَمي وتَملمَلْ
أنتِ لي رحمةٌ براها شعاعٌ = هلّ منْ أعين السما وتنزّلْ
أنتِ لي زهرةٌ على شاطيءِ الأحْـ = ـلامِ تُرْوَى بمُهجتي وتظللْ
أنتِ شعرُ الأنسامِ وسوست الفجْـ = ـر وذابت على حفيفِ السنبلْ
أنت سحر الغروب ، بل موجةُ الإشْـ = ـراق عن سحرها جناني يُسأَلْ
أنت صفو الظلال تسبح في النّهْـ = ـر وتلهو على ضفاف الجدولْ
أنت عيد الأطيار فوق الروابي.. = أقبلي فالربيع للطير أقبلْ..
أنتِ هَولي ، وحيرتي ، وجنوني = يومَ للحسن زهوة وتدلّلْ
أنتِ ديرُ الهوى وشِعْرِي صلاةٌ = لكِ طابتْ ضراعتي والتّذلّلْ
أنتِ نبعٌ من الحنان ، عليهِ = أطرقَ الفنّ ضارعًا يتوسّلْ
أعيُنٌ للخشوع تُغري ، فخلّيـ = ـها على لوعتي تُغَصُّ وتُسبلْ
واترُكيها وسحرَها يتمادى = علّما "بابل" بنجواه تُشَغلْ
هو فنّي و مُلْهِمي..فابْعثيهِ = فهوَ من زهْوه شحيحٌ مُبخّلْ
يتغلفى على الجفون ، فإنْ رُحْـ = ـتُ أناجيهِ لجَّ في الكرَى وتوَغّلْ
وانْتشى من سناكِ وانسابَ في لحـ = ـظِكِ يحسو الضياءَ منهُ وينهلْ
وانبَرَى من جُفُونكِ السود كالأقـ = ـدار يُرْدِي كما يَشاءُ ويقتلْ
ليتَ لي من صِراعِهِ كلَّ يومٍ = غزوَةً في سكون قلبي تُجَلجِلْ
ولكِ الصوتُ ناغمٌ! عادَهُ الشّوْ = قُ فأضحى حنينُهُ يترسّلْ
نَبَراتٌ كأنها شجنُ الأوْ = تارِ في عود عاشقٍ مُترحّلْ
أو حفيفُ الآذانِ في مِسْمع الفَجْـ = ـرِ ندِيُّ الصّدَى ، شذيُّ المنهلْ
أو غناءُ الظّلالِ في خاطر الغُدْ = رَانِ شعرٌ في الصمتِ عانٍ مكبّلْ
أو نشيدٌ أذابهُ الأفقُ النّا = ئي ، وغنّاهُ خاطري المتأمّلْ !
ولكِ البسمةُ الوديعةُ .. طُهرٌ = وصفاءٌ ، وصبوةٌ ، وتغزّلْ
لذّةُ الهمسِ في دَمِي تنقلُ الرُّو = حَ لوادٍ بصفو عمري مظلّلْ
فاسكُبيها علَى جَنَاني ، وخلّي = سحرَها في مشاعري يتهدّلْ!
ولك الهدأةُ التي تغمرُ الحسّ = فَيُرْوَى من السكون ويثْملْ
واحةٌ للجمال ، قلبي فيها = من أسى الدَّهر نَاسكٌ مُتغزّلْ
عَلَّمتني ظلالها كيفَ أَنْسى = صَخَبَ الهمِّ وهو عَصفٌ مُزلزلْ
ولكِ العفّةُ التي عادَ منْها = "مَرْيَميُّ" الستور فوقك مُسْبَلْ
ولكِ الحب ساعدي في وغى الأيا = م والقلبُ وهنانُ أعزلْ
فتعاليْ نغيبُ عن ضجّة الدّنـ = ـيا ، ونمضي عن الوجودِ ونرْحَلْ
وإلى عُشّنا الجميلِ.. ففيهِ = هزجٌ للهوى، وظلٌّ وسلسلْ
وعَصافيرُ للمنى تتغنّى = بالترانيم بين عشبٍ وجدولْ
وغرامٌ مقدّسٌ ، كاد يَضْوي = نورُهُ العذبُ في سمانا ويُشعلْ
ووفاءٌ يكادُ يَسطعُ للدُّنـ = ـيا بشرْعٍ إلى المُحبّين مُرسلْ..
عادَ للعشّ كلّث طيرٍ ، ولم يَبْـ = ـقَ سِوى طائرٍ شريدٍ مخبّلْ
هو قلبي الذي تناسيتِ بلوا = هُ..فأضحى على الجراح يُولوِلْ
أقبلي .. قبل أن تميلَ به الريْـ = ـحُ ، ويهوي به الفناءُ المُعَجّلْ!