مصير المجنون يوم القيامة
فقد نُقِل عن ابن عباس ومحمد ابن الحنيفية والقاسم بن محمد وغيرهم أنهم كرهوا الكلام في مثل هذه المسائل، وهي مصير المعتوه والصغير ونحوها، وذكر العلماء في مصيرهم يوم القيامة أقوالاً كثيرة، أوصلها الإمام ابن القيم في كتابه طريق الهجرتين إلى ثمانية أقوال، ولعل من أرجحها قولين:
الأول: الوقف فيهم، وترك الشهادة بأنهم في الجنة أو النار، بل يوكل علمهم إلى الله تعالى، والله أعلم بما هم عاملوه لو عاش الصغار، أو أفاق المجانين ونحوهم، وذلك بناء على حديث ابن عباس المخرج في الصحيحين أنه سئل عن أولاد المشركين –وفي حكمهم من لم يعمل خيراً أو شراً- ممن سقط عنهم التكليف أنه قال: ( الله أعلم بما كانوا عاملين).
الثاني: أنهم يمتحنون في عرصات القيامة، كما في الحديث الذي رواه الإمام أحمد والبزار بإسناد صحيح عن الأسود بن سريع أن النبي قال: أربعة يحتجون يوم القيامة، رجل أصم لا يسمع، ورجل هرم، ورجل أحمق، ورجل مات في الفترة.
أما الأصم فيقول: رب لقد جاء الإسلام وأنا لا أسمع شيئاً، وأما الأحمق فيقول: رب لقد جاء الإسلام والصبيان يحذفونني بالبعر، وأما الهرم فيقول: رب لقد جاء الإسلام وما أعقل، وأما الذي في الفترة فيقول: رب ما أتاني من رسول، فيأخذوا مواثيقهم ليطيعنه؛ فيرسل إليهم رسولاً أن ادخلوا النار، فو الذي نفسي بيده لو دخلوها لكانت عليهم برداً وسلاماً. وفي رواية أبي هريرة زاد " ومن لم يدخلها رد إليها".
وقد جاءت بذلك آثار كثيرة يؤيد بعضها بعضاً، وقد أنكرها الحافظ ابن عبد البر رحمه الله. والله أعلم.
أما أنه يشفع لإخوانه ووالديه، فلا أذكر في ذلك شيئاً والله أعلم، وإن كان في الإحسان إليه والاعتناء به أجر عظيم لمن احتسب ذلك عند الله تعالى.
وقد قال في شأن البهائم: " في كل كبد رطبة أجر" فكيف بالإنسان الذي كرمه الله تعالى. والله أعلم