152 مشاهدة
ماهي الإشكالات التي يطرحها مفهوم التاريخ في الفلسفة
بواسطة عُدل

1 إجابة واحدة

0 تصويت

يتحدد الوجود الإنساني باعتباره كيانا ينبثق ويتحدد في أفق بين-ذاتي، يجعل الذات ترتبط بالآخرين في سياق تاريخي يطبع وجوده ويمنحه أبعاد وخصائص أخرى؛ بمعنى أن انتماء الإنسان إلى المجتمع والطبيعة يفرض بالضرورة حضور التاريخ كصيرورة فاعلة في هذا الوجود الإنساني الذي يوصف كامتداد لتاريخ يتجاوزه، والانتماء إلى الجماعة هو انتماء لصيرورة يكون فيها الإنسان منتجا لوجود متعين في الزمان، كما يكون منتوجا لتلك الدينامية التي تتميز بمنطقها الخاص. فالإنسان بقدر ما هو منتج وصانع للتاريخ، بقدر ما هو نتاج له عبر تفاعل جدلي بين الذاتي والموضوعي؛ بالإضافة إلى كون مسار الصيرورة التاريخية ليس كبنية تخضع لديناميتها الخاصة، بل أيضا كمسار توجهه الفاعلية والحرية والإرادة الإنسانية.

التأطير الإشكالي للمفهوم:

إذا كان التاريخ هو تلك الصيرورة التي تواكب الفاعلية البشرية وتختزن فيها ذاكرة الإنسان وماضيه، لتساعده على فهم حاضره واستشراف مستقبله، فكيف يمكن جعل أحداث التاريخ ووقائع الماضي موضوع معرفة؟ وكيف يتأتى للإنسان إدراك عمق هذه الوقائع؟ وبأي معنى تمكن مقاربة التاريخ من خلال فكرة التقدم والتطور كأساس يحرك هذا الأخير ويوجهه؟ وهل للإنسان دور في صناعة التاريخ والتأثير في مجرياته؟

تحديد مفهوم التاريخ:

يشير مفهوم التاريخ في اللغة إلى الإعلام بالوقت، فيقال مثلا: أرخ يؤرخ الكتاب، أي بين وقت كتابته؛ ويحيل في الاصطلاح إلى التعريف بالوقت الذي تضبط به الأحوال والوقائع المرتبطة بالإنسان[1]؛ في حين تشير الدلالة الفلسفية لمفهوم التاريخ إلى سيرورة العمران الاجتماعي البشري، وكل معرفة تاريخية ليست مجرد سرد أخبار الأيام والدول، بل هي نظر عقلي في أحوال الماضين وتعليل حدوثها وسبرها بمعيار العقل والحكمة[2]؛ في حين لا تتحدد دلالة التاريخ، حسب إيريني هنري مارو، في سرد حوادث الماضي ووصفه بهدف إعادة كتابة الماضي الإنساني، إنه حسب هذا الأخير، معرفة علمية ينشئها المؤرخ عن ذلك الماضي مستندا إلى منهج علمي صارم ودقيق[3].

المحور الأول: المعرفة التاريخية

إن الماضي الذي يبحث فيه المؤرخ ليس ماضيا ميتا، ولكنه نظرا للعديد من الاعتبارات مازال حيا في الحاضر، وإن كان الفعل أو الحدث الماضي، يعتبر ميتا دون معنى عند المؤرخ ما لم يستطع أن يدرك ويفهم الأفكار التي وراء هذا الحدث، خاصة أن التاريخ مفهوم يشمل الماضي والحاضر والمستقبل معا؛ فنحن عندما نحاول تشكيل معرفة حول هذا الماضي، فإننا في نفس الوقت ندرس الحاضر والمستقبل، لأننا إذا دققنا النظر تبين لنا أنه لا شيء في الوجود يتلاشى ويضيع مع الزمن، كما لا يوجد فاصل أو سبب منطقي يجعلنا نفصل بين الماضي والحاضر والمستقبل. على هذا الأساس فإن استحضار هذا الماضي ليس عملية سهلة، لأن ذلك يقتضي توفر منهج خاص يعيد بناء الظاهرة التاريخية، انطلاقا من إخضاع الوثائق التاريخية لهذا المنهج الخاص، حتى تتحول الوثيقة الغفل على وثيقة دالة.

إذا كان التاريخ هو ذاكرة الإنسان التي لا يمكن إغفال دورها في الحياة الإنسانية، وكانت الوقائع والأحداث المشكلة له، بنية غير معطاة تتطلب إعادة بنائها وتشكيلها، فكيف نفهم الصيرورة التاريخية للمجتمعات البشرية؟ وبأي معنى تكون المعرفة بالتاريخ ممكنة وموضوعية؟

بواسطة (4.2ألف نقاط)

اسئلة مشابهه

0 إجابة
230 مشاهدة
0 إجابة
109 مشاهدة
0 إجابة
68 مشاهدة
1 إجابة
433 مشاهدة
1 إجابة
2.9ألف مشاهدة
0 إجابة
911 مشاهدة
1 إجابة
753 مشاهدة
0 إجابة
79 مشاهدة
سُئل أكتوبر 9، 2024 بواسطة مجهول
0 إجابة
85 مشاهدة