نعم كان بالامكان تفادى بحور الدم بعد 30 يونيو
كانت هناك سيناريوهات بديلة كثيرة في فترة السيولة السياسية التي صبغت المرحلة الأخيرة من حكم الرئيس محمد مرسي للخروج بالوطن والنظام من الأزمة ، وكان بوسع مرسي أن يختار من بينها ، لكي ينجو بنفسه وبالشعب والوطن والدولة والجماعة معهم من المآلات التي حدثت بعد ذلك ، ولكنه رفض كل هذه السيناريوهات ، لأنها تقتضي أن يتنازل للشعب ، وليس للآخرين الذين كانت الجماعة مشغولة بعقد صفقات معهم بالغرف المغلقة في اللحظات الأخيرة ، ولأن مرسي لم يتصرف كرجل الدولة ، تصرف بمنطق التنظيم وحسابات جماعة أدمنت العمل في الظلام ، وليس بمنطق السياسة والشرعية الدستورية والدولة ومؤسساتها وأدواتها ، فتم تخديره بسهولة واحتراف هو وجماعته حتى أدركه الغرق وفوجئ بأن "الركن الركين" الذي كان يستند إليه وباع من أجله الجميع أضاعه .
كان يستطيع محمد مرسي أن يعلن مبكرا قبوله الاحتكام إلى الشعب ، سواء باستفتاء جديد على شرعيته ، أو بالدعوة إلى انتخابات جديدة خلال ستين يوما ، طواعية ، كما يفعل أي زعيم سياسي أو أي حزب سياسي في ظروف أقل خطورة من تلك التي كانت في مصر وقتها ، وكان يمكن لمحمد مرسي أن يكلف أحد قيادات المعارضة بتشكيل حكومة وحدة وطنية تشرف على الانتخابات المقبلة بشفافية كاملة ، ولو وصلت له أبجديات الذكاء السياسي لكان قد كلف الدكتور محمد البرادعي نفسه ـ زعيم المعارضة الأبرز ـ بتشكيل تلك الحكومة ، ولو فعل لخلط كل الأوراق ، وصدر الانقسام إلى الجبهة المنافسة ، وقلب الأمور رأسا على عقب ، ولأوقف التخطيط لحشد 30 يونيه ، لأنه لم يعد له معنى ولا مبرر والغطاء السياسي انكشف عنه تماما .