حال المسلمين قبل الافتراق والفتنة:
بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم والناس في ضلالة عمياء، والكواكب والكهان، والفلاسفة والعباد والخطباء، فلما جاء محمد صلى الله عليه وسلم بالنور من عند الله، أشرقت شمس الهدى والحق على العالمين، فما بقي ممن بلغهم هذا الدين صاحب عقل راجح، وقد أوحى الله تعالى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم بالحق الكامل، وقد بلَّغ النبي صلى الله عليه وسلم ما أوحي إليه من ربه كاملاً غير منقوص، وتلقاه منه أصحابه رضوان الله عليهم وهم أعظم الناس حرصاً على الحق، هذا مع ما فضلهم الله به في قرة الفهم وصفاء الذهن. ولما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمانة، وظل أصحابه من بعده على المحجة البيضاء، لم يختلفوا أبداً في أصل من أصول الدين، ولم يكن فيهم مبتدع في الدين، هذا مع أنه وقع بينهم بعض الاختلاف في الفروع والأحكام. وهكذا كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن معهم، مجتمعة على الكتاب والسنة، وظلت الأمة على هذه الحال حتى حدثت الفتنة في عهد عثمان رضي الله عنه وما بعده، ووقع القتال بين المسلمين