نعم , استطاعت الفلسفة الحديثة تجاوز الفكر التقليدي والاخذ بالعقل1-تجاوز سلطان الفكر التقليدي والأخذ بمرجعية العقل:ا-تأسيس المعرفة من الشك إلى البناء: لقد كان إنتاج المعرفة في أوروبا الوسيطية حكرا على أباء الكنيسة من خلال احتكارهم لحق تأويل الكتاب المقدس والتشريع للحياة الفكرية والاجتماعية لكن مع ظهور ديكارت تغير الحال من خلال مبدأ الشك القائم على عدم الثقة العمياء في الحقائق الشائعة والموروث الثقافي إلا إذا تبين بالبداهة العقلية أنه كذلك وهذا ما أحدث قلبا جذريا على مستوى السلطة الفكرية حيث تحولت الكنيسة من حاكمة إلى محكوم عليها بإخضاع كل أفكارها للشك العقلي وهنا بالذات تكمن أحقية ديكارت للتسمية التي لقب بها"أب الفلسفة الحديثة" لان قبله لم يكن للعقل أي قيمة لكن ديكارت أعاد له قيمته من خلال منهج الشك
ب-الشك منهج وليس مذهب: إن الشك عند ديكارت منهج وليس مذهب وما يميزه انه يبدأ بالشك وينتهي إلى اليقين وهذا حيلة من ديكارت الذي لم يكن باستطاعته مخالفة الكنيسة علنية فقال أن كل حقيقة مها كان نوعها ومصدرها يجب الشك فيها ولا يمكن قبول إلا الفكرة الواضحة وهي الفكرة البديهية التي لا تقبل الشك ومصدر الحكم على الأفكار هو العقل كأعدل قسمة بين الناس وهنا بالذات أصبح التراث الفكري الكنسي في خطر لانه لا يتوافق مع العقل ومن الأفكار البديهية عند ديكارت نجد الدوبيتو"انا اشك إذن أنا أفكر والكوجيتو أنا أفكر إذن أنا موجود" وهنا بدأ ديكارت بالشك في وجود العالم الخارجي وانتهى إلى حقيقة لايمكن الشك فيها وهي حقيقة الذات المفكرة
ج-تأسيس المعرفة بوحي من المنهج الرياضي: لما كانت الرياضيات تمثل النموذج الأرقى بين العلوم من حيث الصدق دعى روني ديكارت إلى تطبيق المنهج الرياضي ألاستنتاجي على الفكر حيث يبدأ من الأفكار الفطرية المستمدة لصدقها من كونها إلهية المصدر ثم يستنتج ما يلزم عنها من أفكار ضرورية ويبنى هذا المنهج عند ديكارت على أربع خطوات أساسية:
أ-قاعدة البداهة:حيث يقول ديكارت:لا أتلقى على الإطلاق شيئا على أنه حق ما لم أتبين بالبداهة أنه كذلك" والفكرة البديهية هي الفكرة الواضحة التي لا تقبل الشك وعلى هذا فجميع الآراء العلمية والفكرية التي تحصلنا عليها من المجتمع لا يمكن الثقة فيها حتى تعرض على العقل وبالتالي فلا مجال للثقة في التراث الكنسي وهذا ما كان يهدف إليه ديكارت
ب-قاعدة التحليل: أي تفكيك الموضوع إلى أجزاء لمعرفة مكوناته ويقول ديكارت معرفا بهذه القاعدة"أن أقسم كل واحدة من المعضلات التي أبحثها ما استطعت إلى القسمة سبيلا وبمقدار ما تدعو به الحاجة على أحسن الوجوه"