كيف تقنع المسيحي بأن عيسى ليس ابن الله
إن بيان استحالة انه ابن الله عقلا فقد أحسن شيخ الإسلام في تلخيص ذلك فقال ما ملخصه: و لهذا امتنع عليه أن يلد وأن يولد، وذلك أن الولادة والتولد وكل ما يكون من هذه الألفاظ لا يكون إلا من أصلين وما كان من المتولد عينا قائمة بنفسها فلا بد لها من مادة تخرج منها.
فالأول نفاه بقوله أحد فإن الأحد هو الذي لا كفؤ له ولا نظير، فيمتنع أن تكون له صاحبة، ولهذا قال تعالى: أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {الأنعام: 101}
والثاني: نفاه بكونه سبحانه الصمد، فهذا المتولد من أصلين يكون بجزئين ينفصلان من الأصلين كتولد الحيوان من أبيه وأمه بالمنى الذي ينفصل من أبيه وأمه وهذا ممتنع في حق الله تعالى فإنه صم لا يخرج منه شيء.
ومما يدل أيضا على استحالة ذلك أنه يستلزم وصفه تعالى بالنقص والحاجة والفقر، فإن الولد يتخذه المتخذ لحاجته إلى مساعدته ومعاونته له، ولذا حمد سبحانه نفسه على عدم اتخاذه الولد لما في ذلك من كمال صمديته وغناه وملكه وعبودية كل شيء له قال تعالى: قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ {يونس: 68} وعلى كل حال، فهذا الاعتقاد فاسد فسادا ظاهرا يغني عن تكلف إيراد الدليل على بطلانه