لقد فسر العلماء الظلمات الثلاث بالمعنى الحسي للظلمات. ولكن جاء معنى الظلمات في القرآن كله معنوياً. فالظلمات الثلاث هي الجهل بعلوم ثلاثة أشياء وهي علوم غيب السماء أي علوم وحدانية الإله وعلوم غيب الساعة وعلوم غيب الأرض أي علوم الأقدار خيرها وشرها وذلك مستنبط من الحديث التالي:عن عبدالله بن عمر عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: (خلق الله خلقه في ظلمة ، ثم رش عليهم من نوره فمن أصاب ذلك النور فقد اهتدى ومن أخطأه ضل) الذي يتضح منه أن النور الذي يرشه الله على خلقه هو العلم. ونهاية الحديث تؤكد ذلك لأن نتيجة النور إما الهدى(العلم)أو الضلال(الجهل). كما يستنبط من الآيتين 77 و87 النحل وهما(لله غيب السماوات والأرض وما الساعة إلا كلمح البصرأوهو أقرب إن الله على كل شيء قدير) (ويخرجكم من بطون امهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون) فالآية 87 قد ابتدئت بواو العطف أي إنها معطوفة على الآية التيسبقتها مما يدل على أن الناس وهم في بطون أمهاتهم لا يعلمون عنها شيئاً وقد جعل الله لهم أدواة العلم وهي السمع والأبصاروالأفئدة ليعلموا بتلك الأشياءالغيبية الثلاثة بعد خروجهم من بطون أمهاتهم. وقد كانوا في جهل عنها وهم في بطون أمهاتهم لأن الله قد خلق لهم أدواة العلم الثلاث في أطوار الخلق المختلفة محدودين وغير مطلقين أي نطاقهم محدود. فلو خلق لهم الله بصرهم مطلقاً لرأوا الله وملائكته في السماء لسمعوا ما يدور في السماء ولم يكونوا في ظلمات وجهل عنها.
فإذا تمعنا في جميع الآيات التي جاءذكر السمع والأبصار والأفئدة لوجدنا العلاقة القوية بين الغيوب الثلاثة والأدوات
وأكتفي بهذا القدر. ومن يريد البحث كاملاًيمكن الاتصال بالعنوان التالي:
[email protected]