لماذا اهتم الرسول بزراعة الاشجار :
برجوعنا إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم، نجد حرص الإسلام على زرع النباتات والأشجار، والثواب العظيم الذي يحصل عليه المسلم جراء زراعة الشجرة المثمرة، ففي الحديث الصحيح، قال صلى الله عليه وسلم: (مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ إِلاَّ كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ). فما أروعها من صدقة جارية يستمر أجرها ما دامت الشجرة موجودة.
بل إن الحرص على زراعة الأشجار ولو ظهرت علامات الساعة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنْ قَامَتْ السَّاعَةُ وَبِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَفْعَلْ).
إنّ الاهتمام بالزراعة مظهر حضاري يدل على فهم المجتمع لسنة الله في خلقه، ومدى صعوده في سلم الحضارة الإنسانية، ولقد رأينا المسلمين في عهودهم الزاهرة يعتنون بالشجر حتى غير المثمر، فيكفي ظله في أيام الصيف، وما يقع عليه من طيور تسبح الله تعالى، وتدعو لمن وفر لها الظل الظليل.
إن ميزة الإنسان المسلم أنه يزرع الأشجار لأن الله أمره أن يغرسها، ويزرع الأشجار لينفع عباد الله، ويزرع الأشجار ليعبر عن حضارة أمته وشعبه، ويزرع الأشجار لأن الخضرة مظهر من مظاهر الحياة، ويزرع الأشجار لينفع الأجيال المقبلة، سواء نفعته تلك الشجرة أم لا، ومن هنا قال آباؤنا: زرعوا فأكلنا ونزرع فيأكلون. وبهذا تستمر الحياة على وجه الأرض.