1.6ألف مشاهدة
من هم الذين كفلوا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
بواسطة

1 إجابة واحدة

0 تصويت
لما بلغ رسول الله صلى الله عليه و سلم ثماني سنوات توفي جده عبد المطلب بمكة سنة ٥٧٨م بعد عام الفيل بثماني سنين و له عشر و مائه سنه، و قيل أكثر من ذلك، و كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يبكي خلف سريره و دفن بالحجون، جبل بأعلى مكة عنده مدافن أهلها عند قبر جده قُصي، و لما حضرته الوفاة أوصى به إلى عمه شقيق أبيه ((أبي طالب)) و اسمه عبد مناف و عبد الكعبة و كان كريماً لكنه كان فقيراً كثير الأولاد، و كان يرى منه صلى الله عليه و سلم الخير و البركة و يحبه حباً شديداً و لذا لا ينام إلا إلى جنبه و يخرج به متى خرج، و أوصى عبد المطلب إلى أبي طالب بسقاية زمزم وإلى ابنه الزبير بالحكومة و أمر الكعبة.

و في هذه السنة مات حاتم الطائي و كسرى و أنوشروان.

و قد أخرج ابن عساكر عن جلهمة بن عرفطة قال:

قدمت مكة و هم في قحط فقالت قريش: يا أبا طالب أقحم الوادي و أجدب فهلم فاستسق فخرج أبو طالب و معه غلام كأنه شمس دجى تجلت عنه سحابة قتماء حوله أغيلمة (جمع غلام مصغر) فأخذه أبو طالب فألصق ظهره بالكعبة و لاذ الغلام بأصبعه (أشار بأصبعه إلى السماء كالمتضرع الملتجئ) و ما في السماء قزعة (قطعة من سحاب) فأقبل السحاب من ههنا وههنا و أغدق و اغدودق (كثر مطره) و انفجر الوادي و أخضب النادي و في ذلك يقول أبو طالب مادحاً النبي صلى الله عليه و سلم:

و أبيض يستسقى الغمام بوجهه       ثِمال عصمة للأرامل

يلوذ به الهلاك من آلِ هاشم   فهم عنده في نعمة وفواضل

(الثمال) بكسر المثلثة الملجأ و الغيث، و قيل: المطعم في الشدة (عصمة للأرامل) أي يمنعهم من الضياع و الحاجة، هذان بيتان من قصيدة طويلة لأبي طالب، و قد شاهد أبو طالب هذا الاستسقاء فنظم هذه القصيدة و قد شاهد مرة أخرى قبل هذه، فروى الخطابي حديثاً فيه أن قريشاً تتابعت عليهم سنو جدب في حياة عبد المطلب فارتقى هو و من حضره من قريش أبا قبيس (بالتصغير اسم الجبل المشرف على مكة) فقام عبد المطلب و اعتضده صلى الله عليه و سلم فرفعه على عاتقه و هو يومئذ غلام فقال أيفع أو قرب ثم دعا فسقوا في الحال، فقد شاهد أبو طالب ما دله على ما قال أعني قوله:

((و أبيض يستسقى الغمام بوجهه)).

و كان الستسقاء في الجاهلية الأولى بخلاف هذه الطريقة فكانوا إذا تتابعت عليهم الأزمات و اشتد الجدب و احتاجوا إلى الأمطار يجمعون بقراً معلقة في أذنابها و عراقيبها السلع و العشر و يصعدون بها إلى جبل وعر ويشعلون فيها النار ويفرقون بينها وبين أولادها ويسوقون البقر إلى ناحية المغرب دون سائر الجهات و تسمى هذه النار التي يشعلونها نار الاستمطار، قال ابن أبي الحديد: و إنما ضرموا النيران في أذناب البقر تفاؤلاً للبرق بالنار و يضجون بالدعاء و التضرع و كانوا يَرَوْن ذللك من الأسباب المتوصل بها إلى نزول الغيث.

كان عبدالله أبو رسول الله صلى الله عليه و سلم و أبو طالب من أم واحدة، و روي أن أبا طالب قال لأخيه العباس: ألا أخبرك عن محمد (صلى الله عليه و سلم) بما رأيت منه؟ فقال: بلى، فقال: إني ضممته إلي فكنت لا أفارقه ساعة من ليل و لا نهار و لا آتمن عليه أحداً، و إني كنت أنومه في فراشي فأمرته ليلة أن يخلع ثيابه و ينام معي فرأيت الكراهة في وجهه لكنه كره أن يخالفني، و قال: يا عماه اصرف بوجهك عني حتى أخلع ثيابي إذ لا ينبغي لأحد أن ينظر إلى جسدي، فتعجبت من قوله و صرفت بصري حتى دخل الفراش فلما دخلت معه الفراش إذا بيني و بينه ثوب، و الله ما أدخلته فراشي فإذا هو في غاية من اللين وطيب الرائحة كأنه غمس من المسك فجهدت لأنظر إلى جسده فما كنت أرى شيئاً و كثيراً ما كنت أفتقده من فراشي فإذا قمت لأطلبه ناداني: ها أنا يا عّم فأرجع و لقد كنت كثيراً ما أسمع منه كلاماً يعجبني و ذلك عند مضي بعض الليل، و كنا لا نسمّي على الطعام و الشراب و لا نحمد بعده و كان يقول في أول الطعام: باسم الله الأحد، فإذا فرغ من طعامه قال: الحمدلله، فتعجبت منه ثم لم أر منه كذبة و لا ضحكاً و لا جاهلية و لا وقف مع صبيان يلعبون.

-من كتاب ((محمد)) صلى الله عليه و سلم تأليف محمد رشيد رضا اعتنى به وحقق أصوله الدكتور محمد شريف الاسكندراني
بواسطة

اسئلة مشابهه

1 إجابة
397 مشاهدة
سُئل مايو 7، 2016 بواسطة مجهول
0 إجابة
62 مشاهدة
0 إجابة
149 مشاهدة
سُئل مايو 17، 2016 بواسطة مجهول
1 إجابة
236 مشاهدة
سُئل مايو 8، 2016 بواسطة مجهول
0 إجابة
200 مشاهدة
0 إجابة
138 مشاهدة
0 إجابة
103 مشاهدة
سُئل يونيو 26، 2016 بواسطة اجابة ✦ متالق (180ألف نقاط)
0 إجابة
115 مشاهدة
سُئل فبراير 27، 2020 بواسطة مجهول
0 إجابة
78 مشاهدة
سُئل يناير 10، 2020 بواسطة مجهول
0 إجابة
81 مشاهدة
سُئل سبتمبر 26، 2019 بواسطة مجهول