الصوم : أصلها في اللغة العربية : الصاد والواو والميم أصل يدل على الإمساك والركود في المكان، ومن هنا صوم الصائم يعني ؛ إمساكه عن طعامه وشرابه وما منعه، ويعد الإمساك عن الكلام صوماً، ومنه قول الله سبحانه وتعالى: (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَٰنِ صَوْمًا ) صدق الله العظيم, هذا يعني الإمساك عن الكلام والصمت، وأمّا الإمساك الذي هو بمعنى الركود، فقد قال النابغة: خيل صيام وخيل غير صائمة ... تحت العجاج وخيل تعلك اللجما.
الصوم في الاصطلاح الشرعي، فيُعرّف بأنّه: (إمساك المسلم البالغ العاقل، والعالم بوجوب الصوم الناوي له، والمطيق له، والمكلّف شرعاً بالصوم لسبب شرعي)، عن المفطرات من الطعام والشراب، والجماع، وكل فعل يُفسد الصوم، من طلوع الفجر الثاني، إلى غروب شمس ذلك اليوم. يوم الاثنين سمي بذلك؛ لأنه يعتبر ثاني أيام الأسبوع، وهو مثنى، ويُجمع على أثانين، ويوم الخميس سمي بذلك؛ لأنه خامس أيام الأسبوع، ويُجمع على أَخْمِسَاءُ وأَخْمِسَةٌ.
حكم صيام يوم الاثنين ويوم الخميس : اتفق فقهاء المذاهب الفقهية على أنّه يُستحب صيام يوم الاثنين ويوم الخميس من كل أسبوع؛ مستدلّين على ذلك بما رواه الصحابي أسامة بن زيد رضي الله عنهما: (كان النبي صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يصومُ الأيامَ، يَسْرُدُ حتى يُقالَ لا يُفْطِرُ، ويُفْطِرُ الأيامَ حتى لا يَكادُ أن يصومَ إلا في يوميْنِ من الجمعةِ إن كانا في صيامِهِ؛ وإلا صامهما، ولم يكنْ يصومُ من شهرٍ من الشهورِ ما يصومُ من شعبانَ: فقلتُ: يا رسولَ اللهِ إنكَ تصومُ لا تكادُ أن تُفطِرَ، وتُفطِرُ حتى لا تكادُ أن تصومَ إلا يوميْنِ إن دخلا في صيامِكَ، وإلا صُمتهما، قال أيُّ يوميْنِ؟ قال: قلتُ يومَ الاثنينِ ويومَ الخميسِ، قال: ذانِكَ يومانِ تُعرضُ فيهما الأعمالُ على ربِّ العالمينَ، وأُحِبُّ أن يُعرضَ عملي وأنا صائمٌ، قال: قلتُ: ولم أَرَكَ تصومُ من شهرٍ من الشهورِ ما تصومُ من شعبانَ، قال: ذاكَ شهرٌ يغفلُ الناسُ عنهُ بينَ رجبَ ورمضانَ، وهو شهرٌ يُرفعُ فيهِ الأعمالُ إلى ربِّ العالمينَ، فأُحِبُّ أن يُرفعَ عملي وأنا صائمٌ).
فضل صيام يوم الاثنين ويوم الخميس إنّ لصيام يومي الاثنين والخميس فضلاً كصوم أيّ يوم من أنواع صوم النافلة بشكل عام، ومن فضائل صوم يومي الاثنين والخميس الآتي :
- ليومي الاثنين والخميس فضل عظيم؛ فيهما تفتح أبواب الجنة؛ لكثرة الرحمة والمغفرة النازلة على العباد من الله سبحانه وتعالى، فيُستحب صومهما، في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ( تُفتَحُ أبوابُ الجنَّةِ يومَ الاثنينِ، ويومَ الخميسِ، فيُغفَرُ لِكُلِّ عبدٍ لا يشرِكُ باللَّهِ شيئًا، إلَّا رجلًا كانت بينَهُ وبينَ أخيهِ شحناءُ، فيُقالُ: أنظِروا هذَينِ حتَّى يصطلِحا، أنظِروا هذَينِ حتَّى يصطلِحا، أنظِروا هذَينِ حتَّى يصطلِحا غيرَ أنَّ في حديثِ الدَّراورديِّ إلَّا المتَهاجرَينِ مِن روايةِ ابنِ عبدةَ ، وقالَ قُتَيْبةُ : إلَّا المُهْتجرَينِ)
- في يوم الاثنين ولد النبي صلى لله عليه وسلم، ويوم بُعِث فيه ويوم أُنزل عليه فيه.
- إنّ في صيام النافلة تُكمَّل فريضة الصيام يوم القيامة، وصيام يوم الاثنين ويوم الخميس من ضمن صوم النافلة.
- صيام النافلة تقي صاحبها من النار، وتحفظ صاحبها من الوقوع في الشهوات.
- صيام يوم في سبيل الله يُباعد بين وجه صاحبه والنار سبعين سنة. ينادي الصوم صاحبه يوم القيامة لدخول الجنّة من باب الريان.
- صوم يوم الاثنين ويوم الخميس من الصيام المستحب الذي تُرفع به الدرجات وتُكَفَّر به السيئات.
- يومي الاثنين والخميس يومان تعرض فيهما الأعمال على الله سبحانه وتعالى، فيُستحبّ صيام هذين اليومين.
الإعجاز العلمي في صيام يوم الاثنين ويوم الخميس : الدراسات أثبتت أنّ الصوم من أفضل العلاجات لشفاء الكثير من الأمراض، ويؤكّد الباحثون أنّ صيام يومين بالأسبوع يُعتبر النظام المثالي للمحافظة على رشاقة جسم الإنسان ووقايته من الكثير من الأمراض، كما أنّ الصوم لمدة يومين في الأسبوع يُعتبر طريقة ذات فعالية كبيرة لفقدان الوزن، وبالتالي الوقاية من السكري وضغط الدم والكولسترول وهي أمراض تتعلق بالوزن الزائد، كما أن صوم يومين في الاسبوع يخفّض من مستوى خطورة سرطان الثدي.
تبييت النية في صوم النافلة : ذهب الفقهاء في مسألة تبييت النية في صوم النافلة إلى قولين :
- القول الأول: عدم اشتراط تبييت النية في صوم النافلة، واشتراط عدم حصول شيء ينافي الصوم من الفجر إلى وقت إنشاء نية الصوم، وذهب لهذا القول جمهور الفقهاء، واستدلّوا على ذلك بالحديث الذي روته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فقالت: (دخل عليَّ رسول الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ذاتَ يومٍ فقال: هل عندكم شيٌء؟ فقلنا: لا، قال: فإنّى إذن صائمٌ، ثم أتانا يومًا آخرَ فقلنا يا رسولَ اللهِ، أُهْدِيَ لنا حَيْسٌ، فقال: أرينِيه، فلقد أصبحتُ صائمًا، فأكلَ).
- القول الثاني: اشتراط تبييت النية في صوم الفرض وصوم النافلة، وإلى هذا القول ذهب فقهاء المالكية، واستدلُّوا على ما ذهبوا إليه بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من لم يُجمِعِ الصيامَ قبلَ الفجرِ فلا صيامَ له).
(المصدر موضوع)