الإنسان الكريم يكون ذكيًا ذا وقار ، فإذا مر بقوم كان خفيفًا عليهم ، فلا يطيل المجلس إذا جلس ، ولا يكثر من الحديث إذا تحدث. وحتى إن أطال الكريم المجلس وأكثر من الحديث ، فإن الناس لا يستثقلون حضوره لكثرة فوائد حضوره عليهم وطيب معشره. لذلك يعتبر الناس أن الوقت الذي يكون الكريم فيه حاضرا ، ينقضي بسرعة ، بعكس الوقت الذي يكون الغليظ البليد فيه حاضرا ، فذلك لا ينقضي بسرعة ، وتمر الساعة فيه وكأنها ساعات طويلة !
من ثَمَّ اعتبر الناس مرور الكرام على قوم كناية عن السرعة .. ثم توسعوا في المعنى ليشمل السطحية في معالجة الشيء. فقولهم : "مر عليه مرور الكرام" أي "مر عليه بسرعة" ، و"مر على الموضوع مرور الكرام" أي "عالجه بسطحية" وهكذا. فالقول يستعمل في كل السياقات التي يحتاج الإنسان فيها إلى القول إن أمرًا ما تم أو عولج بسرعة.
وهو في الأصل المرور المذكور في قوله تعالى : { وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ﴿٧٢﴾ } [الفرقان].
مرور الكرام : هو مرور المؤمنين حين يمرون بأمكنة فيها لغو أو كذب أو معصية ، وذلك أن مرورهم في هذه الحالة يكون سريعًا خفيفًا ومن دون توقف ، لأن من طبعهم أنهم يضيقون بالزور فلا يشهدونه ، ويضيقون باللغو والرفث والفسوق فلا يتوقفون عنده.
----------------------------------------------------------------
والله أعلى وأعلم