تختلف الآراء حول هذا السؤال بين الفلاسفة وعلماء النفس.
من ناحية، يمكن القول أن البيئة والمجتمع يلعبان دورًا مهمًا في تشكيل تفضيلاتنا وقراراتنا. فنحن نعيش في عالم يحدد لنا خياراتنا إلى حد كبير، من خلال القيم والمعايير الاجتماعية، والضغوط الاقتصادية، والإمكانيات المتاحة لنا.
على سبيل المثال، إذا نشأنا في أسرة تؤمن بالنجاح الأكاديمي، فمن المرجح أن نسعى جاهدين لتحقيق درجات عالية في المدرسة. وإذا عاشنا في مجتمع يقدر الاستقلالية، فمن المرجح أن نبحث عن وظائف تسمح لنا بالتعبير عن أنفسنا.
لذلك، يمكن القول أن تفضيلاتنا وقراراتنا تعكس إلى حد ما تأثير البيئة والمجتمع علينا.
من ناحية أخرى، يمكن القول أن لدينا أيضًا إرادة حرة، وأننا قادرون على اتخاذ قرارات مستقلة عن تأثيرات البيئة والمجتمع. فنحن نمتلك القدرة على التفكير النقدي، وتقييم الخيارات المتاحة لنا، واتخاذ القرارات التي نعتقد أنها الأفضل لنا.
على سبيل المثال، إذا نشأنا في أسرة تؤمن بالزواج المبكر، فمن الممكن أن نختار عدم الزواج في سن مبكرة إذا كنا نعتقد أن هذا هو القرار الأفضل لنا. وإذا عاشنا في مجتمع يقدر النجاح المادي، فمن الممكن أن نختار التركيز على القيم الأخرى، مثل السعادة أو الرضا الشخصي.
لذلك، يمكن القول أن لدينا إرادة حرة، وأننا قادرون على التأثير على تفضيلاتنا وقراراتنا.
في النهاية، فإن الإجابة على سؤال ما إذا كانت إرادتنا في الواقع ملكنا أم لا تعتمد على تعريفنا للإرادة الحرة. إذا عرّفنا الإرادة الحرة على أنها القدرة على اتخاذ قرارات مستقلة عن تأثيرات البيئة والمجتمع، فعندئذ يمكن القول أن إرادتنا ليست ملكنا بالكامل.
ومع ذلك، إذا عرّفنا الإرادة الحرة على أنها القدرة على التفكير النقدي وتقييم الخيارات المتاحة لنا، فعندئذ يمكن القول أن لدينا إرادة حرة، وأننا قادرون على التأثير على تفضيلاتنا وقراراتنا.
هذا سؤال فلسفي عميق. بينما يمكن أن تؤثر بيئتنا ومجتمعنا في تشكيل تفضيلاتنا وقراراتنا، فإن القدرة على اتخاذ القرارات والاختيارات هي جزء أساسي من الإرادة الحرة. نحن نملك القدرة على التفكير والتأمل والتقييم قبل اتخاذ قرار. هذا يعني أننا لا نتبع ببساطة التوقعات الاجتماعية بلا تفكير، بل نقوم بتقييمها واختيار ما يناسبنا.
من الطبيعي أن نرغب في إرضاء الآخرين وتلبية توقعاتهم، خاصة الأهل والأصدقاء. ولكن، في النهاية، القرارات التي نتخذها هي ملك لنا. يمكننا اختيار متى وكيف نرغب في تلبية توقعات الآخرين، ومتى نرغب في السير وفقًا لما نعتقد أنه صحيح بالنسبة لنا.
بعبارة أخرى، حتى وإن كانت تفضيلاتنا وقراراتنا مؤثرة بشكل كبير بواسطة بيئتنا ومجتمعنا، فإن القدرة على التفكير والتقييم واتخاذ القرارات تعني أن إرادتنا تظل ملكًا لنا.