خواطر مغترب ولاجئ مشتاق لوطنه:
رحيق السنين مضت سنوات وسنوات، وأنا ما زلت في غربتي عن وطني الحبيب تمر بنا الأيام يوما بعد يوم، وأعد ساعات اليوم أنها سنين وأنا ما زلت في غربتي عن وطني والأهل والأصحاب في لهفة حنيني وشوقي، عند الرجوع إلى الوطن عندها تنزاح عني همومي وحزني، وتبدأ شفتي بابتسامة عريضة كلها فرح وسرور وأمل وشوق وحنين للوطن ها هو وطني قد حضنني بترابه. تركنا الأرصِفةُ البارداتُ لأرصِفةٍ ساخنات، حيث يوجد هناك ما يسمى الدولارات، إلى أينَ تمضينَ بِنا أيّتها الطائرات وأينَ مَحطّاتنا القادِماتْ وهل يكونُ لنا بعدَ الطّوافِ بِها مستقر! تركلنا الطائرات للحافِلاتْ إلى رحلة البحث عن الذات وليسَ ثمة كفوف تلوح للذاهبين ولا ابتسامة طفل سيفرح بالقادِمينْ، ليسَ إلاّ الخُطى المتعبة تجرجرُ أذيالَ خيبتها لأقدارِها ذاهبهْ، فإلى أينَ تمضينَ بِنا أيّتها الطائرات تعبنا، وقد جَفّ منّا الفؤادُ برغمِ المطرْ كَبُرنا، وما عادَ في العُمرِ مُتسعٌ للخيالِ ورسمِ الصّورْ كَبُرنا، وخَطّ المشيبُ ارتسم فوقَ هاماتنا وانتصَرْ، فإلى أينَ تمضينَ بِنا أيّتها الطائرات فَهيّا خُذينا إلى حيثُ يوماً نُخاصمُ هذا السّفرْ ؟ خُذينا إلى واحةٍ نستريحُ ، وأيضا نُريحْ إلى واحةٍ من سُباتْ إلى أينَ تمضينَ بِنا أيّتها الطائرات ؟ ها أنا اليوم أعود إليك مرفوع الرأس والجبين...بخطوات ثابتة أعود هنا..حيث كنت ألعب وأمرح..أركض فرحاً..مع مواكب الأطفال..مع من يعشقك ويعشق اسمك ..وكل مكان فيك يا وطني..هنا اليوم سيلعب أطفالي..بحرية يلعبون..وبريق الأمل في عيونهم اللامعة.. تحت شمس الأمل والسماء الزرقاء..مع حمام الحرية. عندما يسود الظلام على ليل الغريب المفارق لأحبابه وعندما تكون المسافة البعيدة هي الحاجز المنيع الذي يفصل بين الأحباب يكون ليلي أنا غريب...ليل غير ليالي باقي البشر لأني أنا غريب في وطن غير وطني الذي اعتاده عليه نفسي، ليلي أنا سهر تمر فيه الدقائق كأنها دهر طويل لا ينقضي ويذوق فيها القلب ألوان القهر. عندما تجف الدموع في الجفون...ورنين الكلمات يتحول إلى صدى... تضيع الصور بين صفحات الذكريات...ويمضي الوقت بعيداً يتوارى عن أنظار الزمن، ويتلاشى سراب الحلم ويحيا الواقع عميقاً...صافياً دون غبار بين طيات الذكريات يولد الحنين...حنين الوطن كلهفة طفل وحيد لحضن دافئ.
المصدر : موضوع.كوم.