علل قد تكون كثره الايمان اساسا للشك والاتهام ‘‘‘‘
البعض من المسلمين في قسمهم وأيمانهم بدع شتى ما أنزل الله بها من سلطان . . كثيرون تركوا الحلف بالله وراحوا يقسمون بشرف الأم أو ذقن الأب أو حياة الحبيبة أو قبر خاله . . وآخرون جعلوا الحلف بالطلاق لعبة في الفرح والغضب والجد والمزاح، فيما أسرف آخرون في الحلف في كل وقت وجعلوا الله عرضة لأيمانهم بسبب ومن دون سبب . والاستهتار بالقسم ليس فقط مرفوضا من الناحية الإسلامية حيث يضع صاحبه في موضع الشبهة من الناحية العقدية والشرعية، ولكن الأخطر أنه يدل على حجم سوء الأخلاق وسوء المعاملة بين الناس حيث ضاعت الثقة بين المسلمين وفقد بعضنا الإحساس بمصالح الناس بل والإحساس بخطورة الكلمة وأمانة اللسان بين البشر .
يوضح د . أحمد كشك أستاذ الدراسات الإسلامية والعربية بكلية دار العلوم في جامعة القاهرة هذا المعنى ويقول: إن مسألة الأيمان في المجتمع الإسلامي ليست فقط مسألة مرتبطة بالعقيدة وإخلاص العبودية والإجلال لله الواحد القهار، فمع أهمية هذا الجانب العقدي إلا أن الأيمان تعكس حالة الضمير والتربية والأخلاق والسلوك الذي عليه الأمة . . ولهذا رأينا القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة يهتمان بالقسم، كما يهتم القرآن بالميزان بين الناس وحفظ اللسان وحق الجار . . لإيمان الإسلام بأن هذه الأمور هي جماع الإيمان كله وهدف الشريعة والعبادة وميزان المعاملات التي جعلها الرسول صلى الله عليه وسلم هي الدين كله كما قال عليه الصلاة والسلام: الدين المع املة .
ومن المؤسف أن الشارع المسلم يعج بصنوف شتى من المخالفات الشرعية والكوارث الأخلاقية في هذا الموضوع . . فكل واحد يحلف كيفما يشاء بالصدق والكذب، وكل واحد يحلف بما شاء له أن يحلف سواء بالحلال أو بالحرام . . بالتافه أو بالشيء الجاد، والأخطر نتيجة لهذا أن اليمين فقد تأثيره عند بعض الناس، وهذا مؤشر خطير جدا لأنه يعكس عدم إحساس الناس بالقسم خاصة إذا كان القسم بالله وعدم خطورة بر القسم وتصديقه .
مواجهة واجبة
إن مواجهة هذا الاستهتار واجب إسلامي وخلقي، ونقطة البداية هنا هي التذكير بحرمة الحلف بغير الله، ثم تأكيد خطورة اللغو في الحلف والإسراف فيه .
يوضح د . كشك: الإسلام يرفض الحلف بغير الله، لأن الحلف نوع من التقديس والإجلال بالمحلوف به، وليس هناك أجل ولا أقدس من الخالق، كما أن الحلف نوع من العهد والوعد والضامن، وهي معان لا تكون إلا بالخالق . . فضلاً عن أن الحلف نوع من الإلزام والضغط وربما الحساب والمساءلة للحالف والمحلوف عليه وهي أيضاً معان تكون مع الله ألزم مما دونه من المخلوقات .
وعليه جاءت النصوص الشرعية تؤكد هذا المعنى . . فالقسم يرتبط بالتوحيد والإيمان ولهذا لا يكون إلا باسم الله أو صفة من صفاته . . وفي رواية البخاري ومسلم: من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت . . وفي رواية مسلم: إن الله عز وجل ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت . . وفي حديث الترمذي وغيره من حلف بغير الله فقد أشرك وفي حديث أبو داود والنسائي: لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد الأصنام وكل شريك ولا تحلفوا إلا بالله، ولا تحلفوا إلا وأنتم صادقون . وفي حديث أبو داود بإسناد صحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: من حلف بالأمانة فليس منا . . أي ليس على صراطنا الإسلامي القويم .
البعد عن الشبهات
وقد يتعلل البعض بأن الحلف بالسماء أو الأرض أو الدنيا والآخرة أو الوالد والوالدة هو نوع من تقدير مخلوقات الله، كما أن الخالق في قرآنه قد أقسم بمخلوقاته . . ولكن ما عليه العلماء أن البعد عن الشبهة أولى، خاصة أن الحلف بالأولياء قد جعلهم أنداداً لله كما جعلهم أصناما يعبدون، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: من حلف منكم باللات والعزى فليقل لا إله إلا الله والمعنى أنه قد شابه المشركين ووجب عليه أن يجدد الإيمان .
إذن لا ينبغي للمؤمن أن يضع نفسه موضع الشبهة وألا يداني أو يدعو مع الله أحدا .