قصيدة ضارب في الخيال ملق عنانه لعلى محمود طه .
ضَاربٌ في الخيالِ مُلْقٍ عِنانَه
مَلَكَ الوحيُ قلبَه ولسانَه
مستفيضُ الجمالِ أزهرُ كالور
دِ إذا كلَّلَ النَّدى أفنانَه
عاشَ بين الأنامِ نِضْوَ غرامٍ
لم يُنفِّض من الصِّبا طيلسانَه
ملأ الكونَ من أياديه سحراً
وبنى ملكه وشدَّ كِيانَه
وحباهُ الخلودَ في العالم الفا
ني وأبقى على البلى سلطانَه
هو فجرُ النبوغِ يصدحُ فيه
كلُّ من أطلقَ الهوى وجدانَه
وسماء للشَّاعر الفذّ منها
يستقي الشعرُ وحيَه وبيانَه
تجتلي ريشة المصوّرِ منه
كلَّ عذراءَ لا ترُدُّ بنانَه
وهو قيثارةُ الخلود عليها
يعزفُ الطيرُ في الرُّبى ألحانَه
وأنا الشَّاعر الذي افتنَّ بالحس
نِ وأذكتْ يدُ الحياةِ افتنانه
معهدي هذه المروجُ وأستَا
ذي ربيعُ الطبيعةِ الفينانَه
وأزاهيرُ حانياتٌ على النهر
يُقَبلنَ في الضحى شُطآنه
ناشراتٍ وشَى الربيع عليها
ساكباتٍ في لجّهِ ألوانَه
يتسمّعنَ للخرير المناجي
ويرتّلنَ للرُّبى تحنانَه
معبدٌ للطيور راهبهُ اللي
لُ وناقوسه الصّبَا الرنّانَه
ومحاريبُ للعذارى إذا ما
سَكَب الغربُ في الدجى أُرجوانَه
قام ربُّ الفنّ الجميلِ عليها
مستحِثَّاً تحت الظلام قيانَه
يتغنى لحنَ الخلود ويدعو
من وراءِ الغيبِ الرهيبِ زمانَه
أيُّها الدهرُ حسبك الله ماذا
برجالِ الفُنون هذي المهانَه
هل تبينتَ في رفاتِ أواليَّ
دفيناً محا البلى عنوانَه
قف على الفنّ بين شرقٍ وغربٍ
وصفِ العالمَ المخلِّد شانَه
عرشُ غرناطة إلهُ أثينا
تاجُ روما سماءُ مجدِ الكنانَه
يشرق السحر من تماثيل فيها
ومقاصيرَ كالبروجِ المزانَه
وتراءى العذراءُ تُلهِمُ رافا
ئيلَ روحَ الخلودِ وحيَ الديانَه
وابنُ حمديسَ في الملا ولمرتي
نَ يفيضانِ صَبوةً ومجانَه
ناجيا الروضَ والبحيرةَ حتَّى
لمسَ الفنُّ فيهما عُنفوانَه
إنما المجدُ في الورى لِمُغَنٍّ
هزَّ قلب الورى وقادَ عِنانَه
ولمن ساسَ في الممالك عدلا
وارتضى الحقَّ في العلا بنيانَه