لمن طلل عاف بذات السلاسل
هذه قصيدة للشاعر أبو الطَمحان القَيني وهى
1 لِمَن طَلَلُّ عافٍ بِذاتِ السَلاسِلِ كَرَجعِ الوشومِ في ظُهورِ الأَنامِلِ
2 تَبَدَّت بِهِ الريحُ الصَّبا فَكَأَنَّما عَلَيهِ تُذَرِّي تربَهُ بِالمَناخِلِ
3 وَجَرَّ عَلَيهِ السَيلُ ذَيلاً كَأَنَّهُ إِذا اِلتَفَّ في المَيثاءِ إِسفافُ ساحِلِ
4 وَقَفتُ بِهِ حَتّى تَعالى لِيَ الضُحى أَسائِلُهُ ما إِن يَبينُ لِسائِلِ
5 وَلَمّا رَأَيتُ الشَوقَ مِنّي سَفاهَةً وَأَنَّ بُكائي عَن سَبيلِيَ شاغِلي
6 صَرَفتُ وَكانَ اليَأسُ مِنّي خَليقَةً إِذا ما عَرَفتُ الصّرمَ مِن غَير واصِلِ
7 بِكَالنابِئِ الفَردِ الأَرَحِّ لِلَوفِهِ قَوانِئُ حُمرٌ مِن خُزامى الخَمائِلِ
8 تهادى عَلى نِيٍّ فَجالَ كَأَنَّهُ حُسامٌ جَلا عَنهُ مِسَنُّ الصياقِلِ
9 فَفاجَأَهُ غُضفٌ ضَوارٍ ذَوابِلُ ضَوارِعُ وُرقٌ كَالخِطارِ الذَوابِلِ
10 فَجالَ وَلَم يَعكُف وَهُنَّ دَوالِفٌ دَوانٍ حِثاثُ الرَّكضِ غَيرُ نَواكِلِ
11 فَكَرَّ وَقَد أَرهقنَهُ بِسِلاحِهِ وَلِلَّهِ حامي سَوءةٍ لَم يُقاتِلِ
12 بِأَسمَرَ لَدنٍ حارِداتٍ كُعوبُهُ يَشُكُّ بِها الأَعضاد شُظفَ الرَحائِلِ
13 فَما بانَ مِن كَدحٍ وَمِن سَبقِ سابِقٍ فَهابَ التَوالي ما تَرى بِالأَوائِلِ
14 فَأنقَذَهُ اِستِبسالُهُ وَقِتالُهُ وَشَدٌّ إِذا واكَلتَهُ لَم يُواكِلِ
15 فَجالَ كَمِشحاجِ الجَهامِ عَشِيَّةً يَفِرُّ بِلَحمٍ خالُهُ غَيرُ وائِلِ
16 أَذلكَ أَم جَأبُ النُّسالَةِ قارِحٌ يَطوفُ عَلى وُرقٍ خِفافٍ حَوائِلِ
17 تَخَيَّرَهُنَّ العونُ إِذ هُوَ راتِعٌ كَما طافَ سرو الخَيلِ مُذكي القَنابِلِ
18 إِذا ما شَحا فيهِنَّ فُوهُ لمسحَجٍ ليَعدِلَها كَأَنَّهُ فَرخُ زاجِلِ
19 رَصَفنَ رِصافاً تَهتَدي لِلَبانِهِ كَما يَهتَدي لِلكَيدِ نَبلُ المُناضِلِ
20 تَرَبَّعَ أَعلى عَرعَرٍ فَنَهاءةً فَأَصرابَ مَوليِّ الأَلِدَّةِ باقِلِ
21 بِهِ اِحتجَبا حَتّى إِذا الحَرُّ مَسَّهُ وَحُبّ السَّفا أَو جَفَّ ما في الشَمائِلِ
22 وَلَم يَبقَ إِلّا نُطفَةً في مَطِيطَةٍ مَعَ الطينِ فَاِستَقصَينَها بِالجَحافِلِ
23 فَهاجَ مُشيعاتِ الهَوى بِحَفيظَةٍ صَوادِقَ لَدناتٍ ظِماءِ المَفاصِلِ
24 فَأَورَدَهُ الظَنُّ المُرَجِّمُ فُرصَةً رَقيعَةَ شِربٍ بَينَ هيبٍ وَكاثِلِ
25 تَراءى نُجومُ الأَخذِ في حجراتِهِ وَتَفهَقُ في إِتراعِها في الجَداوِلِ
26 لَها مَشرَعٌ غَمرٌ وَخَلقاءُ رخصَةٌ مَنابِتُها لَم تَختَرِق بِالمَناجِلِ
27 يُسَلسِلنَ بَرداً خالِصاً وَعُذوبَةً شِفاءَ الغَليلِ وَالعُيونِ الحَواجِلِ
28 أَرب عَلَيها قارِبُ الماءِ بعدَما رَأى الشَّمسَ قَد كانَت مَدى المُتَناوِلِ
29 وَأَنشَأنَ نَقعاً ساطِعاً مُتَواتِراً وَأَتلَعنَ بِالأَعناقِ بَلهَ الكَواهِلِ
30 وَأَردَفَ أَدنى نَقعِهِنَّ بِمِثلِهِ وَهاجَ بِإضرامٍ مِنَ الشَدِّ وابِلِ
31 وَأَلصَقنَ بِالأَكفالِ جُبَّةَ نَحرِهِ لُصوقَ المَنيحِ بِالأَريبِ المُناقِلِ
32 تَفادَينَ مِن إِنفادِهِ وَكَأَنَّهُ رَقيبُ قِداحٍ مُسمِحٌ غَيرُ ناكِلِ
33 أَلَمّا يَئِن لي أَن تُهابَ جَريرَتي فَيَقصُرَ عَنّي حَيثُ يَمَّمتُ عاذِلي
34 دَنَت حَفظَتي وَنَصَّفَ الشَيبُ لِمَّتي وَخَلَّيتُ بالي لِلأُمورِ الأَثاقِلِ
35 وَبَيضاء مِثلِ الريمِ قَد كُنتُ خِدنَها رَبَت في نَعيمٍ جيدُها غَيرُ عاطِلِ
36 وَمُطنِبَةٍ رَهوٍ وَزَعتُ رَعيلَها عَلى مُشرِفِ القَطرَينِ نَهدِ المَراكِلِ
37 جَليدِ البَئيسِ وَالنَعيمِ يَصونُهُ أَمين العَراقي غَيرَ واهي الأَباجِلِ
38 إِذا آنَسَت أَدنى السَوامِ كَأَنَّها سَعالٍ وَشِبهُ الجِنِّ فَوقَ الرَحائِلِ
39 وَأَهلَةِ وُدٍّ قَد تَبَرَّيتُ وُدَّهُم وَأَبلَيتُهم في الجَهدِ بَذلي وَنائِلي
40 وَقِدماً غَلَبتُ الدَّهرَ لَو كُنتُ غالِبا وَقَضَّيتُ مِن حَقٍّ أَلَمَّ وَباطِلِ
41 وَإِنّي رَأَيتُ الدَّهرَ إِن تَكرَ لا يَنَم وَإِن أَنتَ تَغفُل تَلقَهُ غَيرَ غافِلِ
42 إِذا هُوَ أَفنى بَرزَخاً زيدَ مِثلُهُ يزادُ عَلى المنوالِ كَالمُتَطاوِلِ
43 فَمَن يَأمَنُ الأَيّامَ بَعدَ اِبنِ هُرمُزٍ وَبَعدَ أَبي قابوسَ مُذكي القَنابِلِ