لا يمكن تحديد أيهما أكثر قسوة الإهمال أو الرحيل المفاجئ لأن كلاهما يجرحان الإنسان بشكل ما جرحاً قاسياً خاصة إن كانا من شخص مقرب غير متوقع أن يفعل ذلك، فحيك لشخص ما يجعلك تأتمنه على كل مشاعرك ولا تتوقع أن يقوم بفعل أي شئ قد يجرحك أو يؤذيك لأنك تتعامل مع بنفس المبدأ، ولا تفكر في جرحه بأى شكل كان، لذا فإذا صدر منه أي الأمرين الإهمال أو الرحيل المفاجئ فيكون الأمر قاسياً للغاية عليك في الحالتين، ولكل منهما شعوراً مختلفاً في النفس، ولكن ما يجمعهما هو شعور الألم الكبير.
ففي حالة الإهمال تشعر أنك شخص غير مرغوب فيه على الإطلاق، ففي أشد لحظات احتياجك العاطفي تجد الشخص الذي تأمل بوجوده في جوارك غير مهتم بك على الإطلاق، ولا يقيم وزناً لمشاعرك ولا يعترف بوجودك أصلاً، وهو أمر يقتل أي علاقة، لأن الأصل في إقامة أي علاقة هو أن تكون مليئة بالاهتمام من الطرفين، يعرف كل منهما احتياجات الآخر، ولا يهمل مشاعره، ويقف بجانبه في لحظات حزنه، وذلك هو أهم ركن في بناء العلاقة المتينة، لذا فإن الإهمال موجع للقلب والروح.
أما الرحيل المفاجئ هو قتل للروح خاصة إذا كان التعلق بالشخص كبيراً، فلا تتوقع أن يرحل الشخص ويتركك خاصة إذا كانت لا توجد أسباب لذلك الرحيل، وإذا كان الشخص رحل لأنه لا يريد أن يتحمل مسئولية العلاقة، بعد أن جعل الطرف الآخر في العلاقة يتعلق به كثيراً، وذلك من أكثر علامات الغدر والخيانة وأكثرها قسوة.
لذا فإن الرحيل المفاجئ والإهمال لكل منهما ألم كبير يصيب الروح ويفقدها الثقة في الشخص الذي تحبه، وتجعله لا يستطيع أن يثق في شخص آخر خوفاً من أن ينجرح قلبه جرحاً آخر، وذلك يدل على أن مشاعر الرحيل المفاجئ والإهمال التي يشعر بها الشخص مختلفة، ولكن الألم واحد، لذا فلا يمكن تفضيل أحدهما على الآخر وتحديد أيهما أكثر قسوة بينهما.