قصة ( ما قالته ليلى ) للكاتب الاردنى ( يوسف غيشان )
( تبدا القصة بحالة وفاة وهى : ماتت أم ليلى فجأة وهي تحلب بالعنزات ، رحمها الله كانت تعمل من الصباح حتى المساء دون كللٍ من اجل خدمة العائلة وتسيير أمورها، ولم تكن تشكو ولا تتذمر، سوى من زوجها الكسول، لأنها كانت تضطر الى القيام بالأعمال المطلوبة منه أيضا، مثل حراثة الأرض والاعتناء بها ،ثم جني المحصول وبيعه في السوق ، ناهيك عن تربية الدواجن والأرانب في فناء البيت والعناية بها دوما.
تولت ليلى القيام بأعباء البيت ، مع أنها طفلة صغيرة لم تتجاوز العاشرة بعد، ولم يغير والدها من عاداته ومن كسله المفرط الذي كان مضرب المثل في القرية. حتى تلك المرأة التي جاءت الى والدها ، وطلبت منه أن يتزوجها، فلم يردها والد ليلى خائبة، لأنه كان أكثر كسلا من أن يرفض.وقد وافق على جميع شروطها شرط أن تتركه وشأنه.
كان شرط زوجة الأب الأول هو أن تخرج ليلى من البيت وألا تعود اليه أبدا، لذلك فما كان من والد ليلى الا أن أعطاها صرّة بها القليل من الخبز وبعض ملابسها ومطرة ماء ، وقال لها أن تذهب لتعيش عند جدتها في الغابة.
كانت ليلى تحب جدتها، لكنها كانت حزينة، لأنها ستترك المكان الذي عاشت فيه مع والدتها منذ أن ولدت. والد ليلى كان مصرا على مغادرتها ، لأنه كان يخضع لزوجته الجديدة، وكان أكثر كسلا من أن يحاول إبقاء ليلى في بيتها.
حملت ليلى صرتها وانطلقت تقطع الغابة حتى تختصر الطريق وتصل الى جدتها قبل حلول الظلام. وقد شاهدها الذئب وهي تسير وحدها حزينة ،فسألها عن سبب سيرها في الغابة ، فقالت له أنها تريد أن تذهب لتعيش عند جدتها، لأن والدها وزوجته الجديدة طرداها من البيت قبل قليل.
ذهب الذئب فورا الى بيت جدة ليلى المريضة، فوجدها قد ماتت منذ فترة ، فادرك أن ليلى في ورطة كبيرة ، لكنه كان ذئبا ذكيا وقد أحب ليلى وحزن على وضعها الكئيب. فدفن جثة جدة ليلى، ثم لبس ثوبها وغطاء رأسها وجلس مكانها على السرير. وعندماء جاءت ليلى الى بيت جدتها نظرت مستغربة الى منظر جدتها الغريب، فسألت :
- لماذا اصبحت عيناك كبيرتين وحمراوين يا جدتي ؟؟
- حتى أراك بهما يا حبيبتي ليلى
- أذناك أيضا ازداد حجمهما كثيرا يا جدتي !!
- حتى اسمعك جيدا يا ليلى
- وفمك صار كبيرا ايضا؟؟
- حتى اتحدث معك يا ليلى.
- وأسنانك صارت كبيرة مثل الأنياب !!
- حتى أحميك بها يا ليلى
لم تأبه ليلى كثيرا لهذه التغيرات التي حصلت على منظر جدتها ، فقفزت الى السرير ونامت في حضنها حتى الصباح.
في الصباح نهضت ليلى من النوم، وإذا بكأس الحليب الى جانب سريرها، بينما جدتها (الذئب) توقد النار لتطهو لها الإفطار .... وقد لاحظت ليلى أن جدتها تجد صعوبة في محاولة الوقوف على رجليها ، وأنها تتحرك على اربع مثل الحيوانات ، لكنها لم تأبه كثيرا .
أنهت (الجدة) عمل الفطور وجلست تأكل مع ليلى ، وهما تضحكان وتبتسمان طوال الوقت ، وقد احبتها جدتها كثيرا وكانت تحميها من جميع حيوانات الغابة، وتذهب يوميا لتصطاد وتوفر لها الطعام...وهكذا عاشت ليلى في أمان ومحبة طوال حياتها.